دور الشركات متعدية الجنسيات في نقل التكنولوجيا: إشارة لقطاع الدواء في مصر
مقدمة
تأتي أهمية موضوع نقل التكنولوجيا إلى الدول النامية باعتباره أحد أعمدة إعادة تشكيل العلاقات الاقتصادية غير المتكافئة بين الدول الصناعية المتقدمة و دول الجنوب بشكل يسمح بتعبئة موارد أكبر لهذه الدول من أجل دفع عملية التنمية الاقتصادية و الاجتماعية في هذه الدول دفعة تمكنها من تضييق الفجوة الهائلة القائمة بينها و بين الدول الصناعية المتقدمة و من ناحية أخرى فقد ترسخت الشركات متعددة الجنسية كأحد أهم معالم النظام العالمي القائم الذي يتسم بصورة متزايدة بتدويل الإنتاج و تتزايد أهمية دور هذه الشركات في مجال نقل التكنولوجيا فالطبيعية الاحتكارية لهذه الشركات حتى في دولها الأم تؤدي إلى استئثارها بأغلب أنشطة البحث و التطوير و بالتالي بالتكنولوجيا المتقدمة بما يستوجب مراجعة دور هذه الشركات في مجال نقل التكنولوجيا في ضوء ما تتسم به من سمات و خصائص متميزة و تصبح هذه المراجعة أوجب في حالة قطاع صناعي كقطاع الدواء بالنظر لأهمية هذا القطاع ليس فقط من الناحية الاقتصادية و لكن أيضاً بالنظر لحيوية المنتج الذي ينتجه الذي يتصل بحياة الإنسان فلا يخضع استهلاكه لمرونات سعرية أو دخلية كما أن صناعة الدواء من الصناعات الكيماوية المتقدمة كثيفة التكنولوجيا التي لا تنمو إلا في المجتمعات التي أصابت قدراً عالياً من التمكن العلمي و قطعت شوطاً طويلاً في التقدم التكنولوجي و بالتالي كان التعويل على نقل التكنولوجيا فيها كبيراً، بما يجعل من هذا القطاع حالة نموذجية لاختبار دور الشركات متعددة الجنسية في نقل التكنولوجيا خاصة في ظل التجربة المصرية التي استمرت على مدى عقود طويلة و من هنا تهدف هذه الورقة للتعرف بصورة استطلاعية على أبعاد دور هذه الشركات في نقل التكنولوجيا إلى قطاع الدواء في مصر سواء من حيث وسائل هذا النقل و أثره على الهيكل الإنتاجي لهذا القطاع و نفقته و رصد الأبعاد السياسية الاجتماعية لهذا الدور في محاولة للقيام بنوع من التقويم لهذه التجربة ثم محاولة استكشاف بعض اتجاهات المستقبل في ظل التطورات الدولية و تحديداً في ظل قيام منظمة التجارة العالمية التي ورثت اتفاقية الجات و تقوم على تنفيذها و أثرها على نقل التكنولوجيا
أما بالنسبة للدراسات السابقة و المصادر فبرغم الوفرة الهائلة في الكتابات سواء في مجال نقل التكنولوجيا أو الشركات متعددة الجنسية و بالأخص الدراسة الرائدة لمحمد السيد سعيد (1978) و دراسة حسام عيسى (1980) و(1987) إلا أنها في أغلبها اتسمت بالطبيعة النظرية العامة دون التطرق لدراسة حالات تطبيقية معينة مع ندرة الدراسات التي تربط بين الموضوعين و يزداد الأمر صعوبة بالنسبة لدراسي قطاع الدواء و تجدر الإشارة هنا إلى الأطروحة الهامة لعلي أحمد على عن "الآثار الاقتصادية و الاجتماعية لنقل التكنولوجيا : دراسة تحليلية لقطاع الدواء في مصر " (1989) و الدراسة التي أعدتها أكاديمية البحث العلمي "دراسة حالة قطاع الصناعات الدوائية"(1991)
أما صعوبات البحث فتمثلت في ندرة البيانات عن الشركات العاملة في هذا المجال فهي إما من مؤسسات و هيئات حكومية تشترط عدداّ من الموافقات للإطلاع عليها أو من الشركات المعنية التي تعتبرها أسراراَ لا يحق الإطلاع عليها بما أدى للاعتماد على مصادر و بيانات غير مباشرة للتغلب على هذه الصعوبات
و عليه تمت معالجة الموضوع من خلال عدد من النقاط :
أولاً : الشركات متعددة الجنسية ونقل التكنولوجيا
1ـ الشركات متعددة الجنسية (المفهوم ـ النشأة ـ التطورـ الخصائص )
2 _ نقل التكنولوجيا *مفهوم التكنولوجيا
* نقل التكنولوجيا المفهوم و الأساليب
* نقل التكنولوجيا فجوة أم تبعية تكنولوجية
* استراتيجيات ش م ج و نقل التكنولوجيا
ثانياً : حالة قطاع الدواء
1ـ نقل التكنولوجيا و قطاع الدواء
* قطاع الدواء في مصر : التطور و الخصائص
* قنوات نقل التكنولوجيا لقطاع الدواء
2 ـ الشركات متعددة الجنسية و نقل التكنولوجيا
المرحلة الأولى (عقود الترخيص)
المرحلة الثانية ( عقود التصنيع ـ المشروعات المشتركة)
المرحلة الثالثة : مجالات جديدة
* نقل التكنولوجيا المكاسب و الخسائر
تطور الهيكل الإنتاجي
نفقة نقل التكنولوجيا الممارسات التقييدية
3 ـ نقل التكنولوجيا في ظل الجات
أولاً :الشركات متعددة الجنسية و نقل التكنولوجيا
المفهوم
تتعدد التعريفات و المفاهيم المستخدمة للتعبير عن هذه الظاهرة و يعكس ذلك تعدد الجوانب و الأبعاد المتعلقة بهذه الشركات من ناحية و اختلاف وجهات النظر حول طبيعة و وظائف و دور هذه الشركات من ناحية أخرى فيطلق على هذه الشركات اسم الشركات متعددة الجنسية أو الشركات دولية النشاط أو الشركات عابرة القوميات .
ويشير تعبير الشركات متعددة الجنسية إلى أن الشركة لها أكثر من جنسية أو أن الشركة التي يملكها و يسيطر عليها مجموعة من الأفراد ذوي جنسيات متعددة فلا يؤكد على حقيقة أن فروع هذه الشركات في الدول المضيفة هي جزء من الشركة الأم و امتداد لها و تحقق نفس هدفها النهائي حيث تخضع لسيطرة الشركة الأم التي توزع عملياتها في الدول المختلفة و تديرها بصورة مركزية مما يعني أن جنسية الشركة الأم هي الأساس على خلاف ما قد يوحي به تعبير ش م ج من أن فروع هذه الشركات متساوية الأهمية و متكافئة في قدرتها على السيطرة و اتخاذ القرار كما قد يوحي بأن فروع هذه الشركات لها آثار إيجابية في كل الأحوال على الدولة المضيفة و هذا ليس صحيحاً دائماً
أما مصطلح الشركات دولية النشاط فيعني أن نشاط الشركة يمتد دولياً و قد يبدو مصطلحاً محايداً إلا أنه قد يوحي بأن الشركة لها أنشطة ذات آثار واحدة على فروعها كما يوحي بعد الاهتمام بجنسية الشركة قدر الاهتمام بطبيعة نشاطها
أما مفهوم الشركات عابرة القوميات فيستخدم للتعبير عن استغلال و سيطرة هذه الشركات على فروعها و أنها تعد وسيلة لامتداد استغلال الرأسمالية العالمية إلى بلدان الجنوب لكن الأهم أنه يبرز حقيقة أن الشركة لها جنسية محددة و خصائص مميزة فهي تعمل من خلال اقتصاد محلي و تنتشر عبر الحدود للبلاد المختلفة التي تعبر عن خصائص اقتصادية و اجتماعية و ثقافية مختلفة تتأثر بنشاط هذه الشركات و برغم دلالة المفهوم الأخير بالنسبة للموضوع المطروح إلا أنه سيتم استخدام مفهوم الشركات متعددة الجنسية بالنظر لشيوع استخدامه من قبل الاتجاهات الفكرية المختلفة بما في ذلك المنتقدين لسلبيات هذه الشركات و يمكن تحديد أبعاد دور هذه الشركات و خصائصها من خلال استعراض عدد من التعريفات المتداولة لها و منها تعريف المجلس الاقتصادي الاجتماعي للأمم المتحدة و الذي يفرق بين معنى واسع في تعريفها فهي جميع المشروعات التي تراقب الموجودات و المصانع و المناجم و مكاتب البيع ... في عدة بلدان و هو بذلك يتسع ليشمل كافة المشروعات التي تستثمر خارج بلادها الأصلية أما المعني الضيق فيتجه لاستيفاء شروط معينة في التعريف مثل نمط النشاط ( إنتاجي ) و حد أدنى من الشركات المنتسبة و المساهمة الأجنبية في النشاط و يحاول آخرون تعريف ش م ج خلال تحليل أبعادها المختلفة فاقتصادياً يجب أن يهتم التعريف بعدة عوامل أهمها حجم الشركة و التوزيع الجغرافي و نسبة المساهمة في رأس المال فيخرج من إطار ش م ج الشركات الكبرى العاملة في الدولة و تقوم ببعض الاستثمارات في الخارج
و تنظيمياً يهتم النعريف بالطبيعة الخاصة لتنظيم هذه المؤسسة و القدرة على اتخاذ القرارات و السلطة فيها فالشركة الأم هي التي تهيمن على كل أنشطة المشروع ووحداته
و سلوكياً تتعامل الشركة كوحدة مستقلة لها استراتيجيتها الخاصة حتى بالنسبة للدولة الأم
و قانونياً هي شركة قومية أي تنشأ في بلد معين و تخضع لقوانينه و تخضع فروعها نسبياً لقوانين البلد الذي توجد فيه
و إبرازاً لدور هذه الشركات في الاقتصاد العالمي و أثرها على دول الجنوب يعرف البعض ش م ج بأنها شركة محلية ذات جنسية محددة كبيرة الحجم تملك و تدير أو تدير فقط مجموعة من الفروع في عدة دول مختلفة و يمكن تحديد عناصر هذا التعريف في أنها
ـ شركة محلية ذات جنسية محددة فيهتم التعريف بإبراز الطابع المحلي لهذه الشركات ( فهي أمريكية أو ألمانية ) و هي بهذا الوصف تنتسب إلى قطاع شديد التركز في الاقتصاد المحلي الأصلي لها و تكتسب خصائص و سمات متميزة سواء من حيث أهدافها أو استراتيجياتها أو طرق تنظيمها و إدارتها
ـ و هي شركة كبيرة الحجم و لا يشترط أن تكون عملاقة مثل I.B.M. أو فورد و لكن يشترط أن تكون كبيرة الحجم و إن كان هناك اختلاف حول معيار كبر الحجم ولكن يجب مراعاة الطبيعة الاحتكارية لكثير من هذه الشركات ـ التي قد تعتبر متوسطة الحجم ـ بالنسبة للكثير من الدول الأهم أن تجمع إلى جانب كبر الحجم دولية النشاط الذي تقوم به فلا يعني كبر حجم الشركة أن يكون لها نشاط دولي بالضرورة و لكن العكس صحيح حيث تزداد درجة دولية النشاط بزيادة حجم الشركة مقاساً بحجم المبيعات ف 88% من الشركات الأمريكية التي تجاوزت مبيعاتها مليار $ لها على الأقل فرع في خارج الولايات المتحدة
ـ الشركة تملك و تدير أو تدير فقط مجموعة من الفروع فملكية الشركة الأم لعدد من الفروع الخارجية ليست شرطاً كافياً بل يجب بغض النظر عما إذا كانت ملكيتها الفروع كاملة أو جزئية أن يكون لها السيطرة شبه الكاملة على إدارة هذه الفروع و هذه هي الصفة المحددة لهذه الشركات
ـ شركة لها مجوعة من الفروع في عدة دول مختلفة و هنا ثار التساؤل حول عدد هذه الفروع فحاول البعض تحديد حد أدنى في حين رأى آخرون ضرورة الأخذ في الاعتبار أهمية النشاط الخارجي للشركة بالنسبة لإجمالي نشاطها من خلال عدة معايير منها
إجمالي عدد المنشآت في الخارج بالنسبة لإجمالي عدد منشآت الشركة
" إنتاج " " " " " إنتاج "
" العاملين " " " " " العاملين في "
و لكن تبقى مشكلة تحديد الحد الأدنى لهذه النسبة 10 % أم 25 % أم 50 % ؟
و يمكن خروجاً من هذه الإشكالات تعريف الشركات متعددة الجنسية بصورة عامة بأنها مؤسسة ذات فرع أو شركة منتسبة أو تابعة أجنبية واحدة أو أكثر تنخرط في الاستثمار في أصول إنتاجية أو مبيعات أو إنتاج أو توزيع أو تشغيل الفروع و التسهيلات الأجنبية و ليست مجرد استثمار لرؤوس الأموال مهما كان حجمها و لكنها بناء اقتصادي اجتماعي له آثاره القوية الشاملة
الشركات متعددة الجنسية التطور و الخصائص
تلقي دراسة نشأة و تطور هذه الشركات الضوء على خصائصها و طبيعة دورها الاقتصادي و السياسي فإذا كان مصطلح ش م ج حديث النشأة نسبياً فغن تطبيقاته تعود الأواخر القرن الماضي عندما بدأت الشركات الصناعية الكبرى في التوسع في الخارج مع التركز الصناعي في أوربا و الولايات المتحدة في شكل تراستات و إذا كانت هذه الشركات بدأت بصورة بطيئة في أوائل هذا القرن فقد بدأت في العشرينات موجة عارمة لخروج هذه الشركات خارج حدودها الوطنية ففي أوربا كنت شركة استاندرد أويل أكبر شركة بترولية في أوربا و كانت فورد تنتج 1/4 إنتاج السيارات في بريطانيا و برغم أن فترة ما بين الحربين لم تكن مواتية للتوسع الخارجي للشركات الكبرى نتيجة الاضطرابات النقدية و الاقتصادية التي انفجرت في أزمة 1929 فإن هذه الفترة كانت مناسبة لظهور اتفاقيات الكارتل بين الشركات الكبرى التي استهدفت تجنب المنافسة بين هذه الشركات من خلال عدة إجراءات تفاوتت تبادل المعلومات لتنسيق الأسعار وحتى التسويق المشترك و مثلت هذه الاتفاقيات أحد مظاهر تحول بنية السوق الرأسمالي إلى احتكار القلة على المستوى الدولي كما أبرزت أهمية المنظور الدولي في الاستثمار و التسويق و في نفس الوقت فقد استمر التوسع في الصناعات ذات التقنيات المتفوقة و هكذا ارتفعت ففي عام 1939 كانت 187 شركة أمريكية قد نجحت في إقامة 715 فرعاً صناعياً خارج الولايات المتحدة .
و مع نهاية الحرب العالمية الثانية و الرواج و التوسع الاقتصادي في ظل ما بدا سلاماً أمريكياً بدأت موجة جديدة لانتشار ش م ج و أخذت تنتقل هذه الموجة من ذروة لأخرى منذ منتصف الخمسينات مستفيدة من مناخ الاستثمار الخارجي المواتي و هو ما تظهره إحصاءات نمو الاستثمارات الخارجية المباشرة التي تقوم الشركات م ج بمعظمها ثم جاء عقد السبعينات ليعطي هذه الشركات دفعة قوية تظهر في نمو مبيعات هذه الشركات و الأرباح الخيالية التي حققتها في هذه الفترة فمثلا بلغت مبيعات شركة أكسون البترولية الأمريكية عام 1980 103 مليار $ و صافي ربح 5.6 مليار $و موبيل أويل 60 مليار و أرباحها 2.8 مليار $ و تسارعت وتيرة نمو هذه الشركات حتى أصبحت أحد معالم الاقتصاد العالمي.
خصائص الشركات متعددة الجنسية
1 ـ الطابع الاحتكاري لهذه الشركات و تزايد ثقلها النسبي في الاقتصاد العالمي
فالشركات م ج هي في الأغلب أكبر الشركات حجماً في بلدها الأم سواء من حيث حجم المبيعات السنوية أو قاعدة الأصول الإنتاجية و تظهر القوة الاقتصادية لهذه الشركات في نصيبها من التجارة السلعية لدولتها الأم و في التجارة الدولية فبالنسبة للولايات المتحدة تسيطر هذه الشركات على 92% من التجارة الخارجية الأمريكية 75 %منها كانت بين شركات أمريكية الأصل و شركات تابعة أما المملكة المتحدة فقد سيطرت ش م ج على 82 % من حجم صادرتها بل إن حجم أعمال أحد الشركات كجنرال موتورز يفوق الخل القومي لدول العالم الثالث بكاملها كما تشير الإحصاءات إلى أن هذه الشركات تحقق 30 % من التجارة الدولية و تسيطر على 20 % من الإنتاج العالمي مع ملاحظة محدودية عدد هذه الشركات نسبياً حيث يقدر ببضعة مئات منها 200 شركة تعمل في إطار استراتيجية إدارية و اقتصادية واحدة و ترتبط معاً عن طريق الملكية المشتركة
و يتميز هيكل السوق الذي تباشر فيه ش م ج نشاطها من خلاله بأنه سوق يسيطر عليه عدد قليل من البائعين و من العوامل التي ساعدت على نشوء هيكل هذا السوق و تدعيمه ما تتمتع به هذه الشركات من احتكار للتكنولوجيا الحديثة و المهارات الفنية و الإدارية ذات الكفاءات العالية و المتخصصة و ما تتميز به منتجاتها من تنوع و نظراً لتعرض سوق القلة لقدر معتبر من المخاطرة وعدم اليقين تسعى المنشآت العاملة خلاله لإقامة سلسلة متكاملة من الفروع الخارجية
2 ـ الانتماء إلى دول السوق المتقدمة صناعياً
و في مقدمة هذه الدول الولايات المتحدة و هو أمر متوقع في ظل ما تتمتع به هذه الدول من وفرة نسبية في رأس المال و احتكارها للتكنولوجيا فضلاً عن سعيها المستمر لفتح مجالات خارجية لتسويق منتجاتها فتشير البيانات إلي أن تسيطر الولايات المتحدة مع المملكة المتحدة و بألمانيا و فرنسا على 75 % من فروع هذه الشركات و تسيطر الولايات المتحدة وحدها على 33% من مجموع هذه الفروع الخارجية و لا يقتصر الأمر على انتماء اغلب هذه الشركات إلى عدد محدود من الدول الصناعية المتقدمة بل و خضوع الفروع الخارجية لسيطرة عدد قليل من المنشآت في الدولة الأم فتسيطر حوالي 300 منشاة على 70 % من الفروع الخارجية التابعة للشركات الأمريكية و في المملكة المتحدة تسيطر150 منشأة على 80 % من الفروع الخارجية و من هنا تتضح حقيقة أن الشركات م ج هي في الحقيقة شركات قومية تحتل مكانتها في اقتصاد
ومجتمع الدولة الأم فإدارة الشركات التابعة و إجمالي مجموعة الشركة تحتكرها الشركة الأم و تحتفظ في يدها بكافة القرارات الأساسية وبمهمة التخطيط و الحساب و الرقابة وينعكس ذلك على شكل العلاقة بين هذه الشركات و الدول الصناعية التي تعمل على تدعيم مركز هذه الشركات بكافة الوسائل حتى تستمر مكاسبها منها
3 ـ ازدياد درجة تنوع و تكامل أنشطتها
فإذا كانت بديات نشط هذه الشركات كانت في القطاع الاستخراجي و التحويلي فإنها استطاعت لاحقاً أن تغطي بنشاطها أغلب قطاعات الإنتاج العالمي على اختلاف نسب مساهماتها فيها فقد نشطت ش م ج في مجال التصنيع فأحكمت سيطرتها بشكل كامل على الصناعات التي تستلزم فناً تكنولوجياً متقدماً مثل صناعة الحاسبات الآلية والأدوية و يلاحظ أن الاتجاه الحديث لهذه الشركات يتسم بالرغبة في السيطرة على أسواق النقد العالمية طريق إنشاء سلسلة من المصارف و فروعها في مختلف الدول الأجنبية وبحيث تقوم هذه المصارف بالسيطرة على المدخرات التي يمكن أن تتجمع في هذه الدول حتى يمكنها التحكم في الاتجاهات الاستثمارية فيها و بصفة عامة فإن المجال المفضل لهذه الشركات خالياً هو قطاع الخدمات كشركات التأمين و الخدمات المصرفية و السياحة إلى جانب الصناعات الدقيقة كالحاسبات الآلية و الصناعات الكيماوية التي يلعب فيها التجديد التكنولوجي دوراً عالياً و من ناحية أخرى يتنوع النشاط الإنتاجي للشركة الواحدة فلاحظت دراسة أجرتها جامعة هارفارد على مجموعة من ش م ج في أمريكا أن هذه الشركات تنتج في المتوسط 22 سلعة من أنواع مختلفة و قد صاحب هذا التنوع درجة عالية من التكامل الرأسي( للأمام و للخلف ) و الأفقي بين فروع هذه الشركات
4 ـ احتكارها التكنولوجيا المتقدمة
فتسيطر هذه الشركات سيطرة شبه كاملة على عملية التجديد التكنولوجي على المستوى العالمي فإذا كان القطاع الخاص في الولايات المتحدة على سبيل المثال يمول 48.8% من نفقات البحوث و التطوير فإن أنشطة البحث و التطوير تتركز في عدد محدود نسبياً من المشروعات الخاصة 700 شركة سنة 1976 في الولايات المتحدة واستأثرت 4 شركات أمريكية ب 20 % من موارد البحث و التطوير و في فرنسا يحتكر 12 مشروعاً 61 % من مواد البحث و التطوير في القطاع الخاص أخذاً في الاعتبار الهوة الضخمة بين الدول الصناعية المتقدمة و بقية دول العالم في مجال التجديد التكنولوجي سواء بمعيار الإنفاق على البحث و التطوير أو عدد العلماء و الباحثين العاملين في هذا المجال أو عدد براءات الاختراع المسجلة في تلك الدول و تعمل ش م ج على استغلال احتكارها للتجديد التكنولوجي من خلال جعله أساس المنافسة في السوق الدولي على ما سيلي تفصيله
نقل التكنولوجيا
مفهوم التكنولوجيا
بقدر ذيوع هذا المفهوم بقدر ما يشوبه من التباس و غموض و لعل ذلك سبب الوهم الشائع عن التكنولوجيا باعتبارها الدواء الناجع لكل المشكلات خاصة في ظل عمومية الكثير التعريفات لتكنولوجيا و من ذلك "أنها التطبيق المنظم للمعرف العلمية لأغراض عملية " أو الخلط بين التكنولوجيا و التقنييات أو الأساليب مثل تعريف اللجنة الاقتصادية لأوربا للتكنولوجيا على أنها " مجموعة المعلومات و القدرات والأساليب و الأدوات الضرورية لتصنيع و استخدام الأشياء النافعة "كما أن بعض هذه التعريفات ركز على ما هو محل بيع و شراء من عناصرها و على وجه الخصوص ـ براءات الاختراع و العلامات التجارية ـ المعرفة غير المسجلة و غير القابلة للتسجيل وفقاً لقوانين براءات الاختراع و العلامات التجارية ـ المهارات التي لا تنفصل عن أشخاص العاملين ـ المعرفة التكنولوجية المتجسدة في أشياء مادية و خاصة المعدات بينما يعرف آخرون التكنولوجيا بأنها مجموعة المعارف المستخدمة في إنتاج السلع و الخدمات و في خلق سلع جديدة و يركز البعض على الأبعاد المجتمعية للتكنولوجيا فيعرفها بأنها " المجموع الكلي للمعرفة المكتسبة و الخبرة المستخدمة في إنتاج السلع و الخدمات في نطاق نظام اجتماعيو اقتصادي معين من أجل إشباع حاجة المجتمع التي تحدد نوع و كم السلعة " فالنشاط التكنولوجي وفقاً لهذا التعريف عملية اجتماعية تحتوي عدة عوامل متشابكة تشكل نظاماً تكنولوجياً يعمل داخل النظام الاجتماعي الأكبر
نقل التكنولوجيا المفهوم و الأساليب
و تأتى معالجة مقولة نقل التكنولوجيا في إطار المقولات السائدة مع إرجاء تقويمها لجزء خاص بمعالجة الفجوة التكنولوجية و نقل التكنولوجيا ببساطة هو انتقال المعرفة من البلد الأم أي حيث تم التوصل إليها و اكتسابها إلى شعب آخر في بلد ثان للاستخدام هناك و يختلط هذا المفهوم بمفهوم آخر هو انتشار الابتكار إلا أنه يمكن اعتبار نقل التكنولوجيا حالة خاصة من انتشار الابتكار عندما تصبح التكنولوجيا هي الابتكار الذي يتم تبنيه
و الافتراض وراء نقل التكنولوجيا أن الفجوة بين الدول الصناعية المتقدمة و الدول النامية هي فجوة تاريخية فالدول النامية في مركز مماثل لما كانت عليه الدول المتقدمة في بدايات ثورتها الصناعية لذا
يتطلب لحاقها بالركب دفعة تنموية عالية و التكنولوجيا هي المؤهلة للقيم بهذا الدورومن ثم فإن سد الفجوة التاريخية يتطلب تنشيط التجارة الدولية بحيث تتدفق التكنولوجيا من الدول المتقدمة مقابل صادرات الدول النامية التي سترتفع نتيجة استخدام التكنولوجياوفي هذا الإطار تركز الدول النامية على تحسين شروط التبادل و ضمان انسياب التكنولوجيا إليها و تصبح المشكلة هي اختيار التكنولوجيا الملائمة لظروفها والملبية لاحتياجاتها الاقتصادية بحيث تبدأ في الاعتماد تدريجياً على الذات في إنتاج واستخدام التكنولوجيا
قنوات نقل التكنولوجيا
المقصود هنا قنوات نقل التكنولوجيا للدول النامية و أهمها تلك المرتبطة بنشاطات الاستيراد والاستثمارات الخارجية المباشرة و عقود الترخيص و براءات الاختراع والعلامات التجارية و خدمات الشركات الاستشارية و المعارض الدولية
كذلك فإن وسائل الإعلام الأجنبية تنقل أنواعاً من التكنولوجيا و بالأخص تلك التي تؤثر على أذواق المستهلكين في الدول النامية و أنماط حياتهم و ثقافاتهم بالنسبة للنشاط الاستيرادي يتم نقل التكنولوجيا من خلال الآلات و المعدات و المصانع الجاهزة التي تتجسد فيها إلى حد بعيد التكنولوجيا التي أنتجت به وبالتالي يمكن الكشف عن هذه التكنولوجيا المجسدة بطرق شتى منها دراسة أجزاءها وإعادة تركيبها مثلما فعلت اليابان في بداية نهضتها
أما القناة الثانية فتأخذ شكل الاستثمارات المباشرة التي تقوم بها في الأغلب الشركات م ج فتجلب معها عدتها التكنولوجيا بما في ذلك الحزمة التكنولوجية التي تحتاج إليها والتي تشمل دراسة الجدوى الفنية و الاقتصادية للمشروع و القيام بالأعمال الهندسية و التصاميم المطلوبة وإحضار الخبراء والفنيين والإداريين والإشراف على إنجاز المشروع وعلى مباشرته في الإنتاج و التسويق وإن كانت الكثير من الدول النامية تفضل نمط الشركات المشتركة بين القطاع المحلي و الشركة الأجنبية التي غالباً ما تحاول السيطرة على الشركة من خلال الإدارة و التكنولوجيا المقدمة
و من أهم قنوات نقل التكنولوجيا الخدمات التي تقدمها المكاتب و الشركات الاستشارية التي تقدم تكنولوجيا أخذ القرار أي أنها التي تقوم بإجراء الجدوى الاقتصادية للمشروع و يمكن القول بأن الشركات الاستشارية تشكل الملاط الذي يجمع الأجزاء المختلفة لعملية نقل التكنولوجيا مع بعضها البعض لأنها تقدم القناة و الآلية في نفس الوقت لنقل التكنولوجيا
نقل التكنولوجيا عن طريق الترخيص باستخدام المعرفة الفنية Know-How و يقصد بالمعرفة الفنية بصورة عامة مجموعة المعارف التكنولوجية النظرية و العملية الصناعية و الإدارية الجديدة و القابلة للانتقال و التي تحتفظ بها المشروعات بشكل سري و لا تشملها براءات الاختراع فيتم نقل هذه المعرفة سواء من خلال الاستثمار المباشر أو بصورة منفصلة في شكل عقود تصنيع و نظراً لأهمية المعرفة الفنية في مجال صناعة الدواء فسيتم معالجتها في نقطة خاصة
فجوة أم تبعية تكنولوجية
لا تحتاج الفجوة التكنولوجية الهائلة بين الدول النامية و الدول الصناعية المتقدمة إلى تأكيد فنظرة سريعة على إنفاق كلا المجموعتين من الدول على أنشطة البحث و التطوير أو عدد العلماء و المهندسين العاملين في هذا المجال توضح بجلاء عمق هذه الفجوة أو بالأدق الهوة التكنولوجيا
أوربا 33.9 % 23.2%
أسيا بما فيها اليابان 13.5 % 19.6 %
الاتحاد السوفيتي السابق 15.5 % 12.3 %
الأقيانوسيا 1 % 6. %
أمريكا اللاتينية و الكاريبي 1.8 % 6. %
الدول العربية 1.8 % 7. %
أفريقيا 0.04 % 2. %
UNESCO , World Sience Report 1993 المصدر
عدد العلماء و المهندسين في البحث و التطوير لكل ألف من أفراد
حسب تقدير الوقت الكامل عام 1989 قوة العمل 1989
الولايات المتحدة 949300 7.6
الاتحاد الأوربي 610229 4.2
اليابان 457522 7.3
الإنفاق الإجمالي الاستثماري على البحث و التطوير عام 1991( بالمليون إيكو )
الولايات المتحدة 124559
الاتحاد الأوربي 104184
اليابان 77700
المصدر السابق
هو ما ينعكس في ضآلة نصيب الدول النامية من براءات الاختراع الذي لا يتجاوز 6.4 % من إجمالي براءات الاختراعات و أخذاً في الاعتبار أن 85% من هذه البراءات تصدر لصالح أشخاص قانونية في الدول المتقدمة فإن نصيب الدول النامية ينخفض إلى 1% و ينعكس ذلك مرة ثانية في توزيع إنتاج السلع الرأسمالية على مستوى العالم و التي لم يتعدى نصيب الدول النامية منها 3 % من الإنتاج العالمي
لكن الأهم هل يمكن النظر إلى هذه الفجوة باعتبارها فجوة يمكن تجاوزها بشراء التكنولوجيا الحديثة في سياق عملية مبادلة عادية تجري وفق آليات السوق أم أنها فجوة بنائية ناجمة بنية الاقتصاد العالمي و بالأخص في بعده التكنولوجي بعبارة أخرى تعد الفجوة التكنولوجيا أحد أبعاد التبعية الاقتصادية و في نفس الوقت تستخدم التكنولوجيا لتكريس هذه التبعية و نقطة البداية في هذا المنظار فهم طبيعة التكنولوجيا من ناحية و طبيعة السوق الذي يتم في إطاره نقل التكنولوجيا و استراتيجيات البائعين و المشترين
فالتكنولوجيا باعتبارها مجموعة المعارف المستخدمة في إنتاج السلع و الخدمات تتحدد بتطور معارف العم من ناحية و درجة تطور النسق الإنتاجي الذي تلبي التكنولوجيا احتياجاته و الذي يتأثر بدوره بالظروف الاقتصادية و الاجتماعية فالمقصود بالتجديد التكنولوجي اتجاه العلم التطبيقي إلى مواجهة مشكلات الإنتاج المحلي وفقاً للشروط المحددة في اقتصاد و مجتمع الدولة المعنية فلابد من تكامل التكنيك مع المحيط الاقتصادي و الاجتماعي و الثقافي الذي يستخدم فيه و بهذا المعنى يمكن اعتبار النشاط التكنولوجي عملية اجتماعية و من ثم فإن النقل الحقيقي للتكنولوجيا هو عملية تطويع و استنبات للتكنولوجيا في البيئة المحلية
و بالتالي يؤدي نمط التنمية اذو التوجه الخارجي (زيادة الصادرات ) إلى اللجوء لتكنولوجيا محددة هي تكنولوجيا المنتجات الجديدة التي يتزايد عليه الطلب في السوق الدولي و يؤدي الاعتماد على التكنولوجي المستوردة إلى مزيد من إضعاف النسق التكنولوجية المحلي
استراتيجيات الشركات متعددة الجنسية و نقل التكنولوجيا
على الجانب الآخر يظهر مما سبق سيطرة ش م ج على عملية التجديد التكنولوجي بما يعني خضوع عملية النقل الدولي للتكنولوجيا لمنطق و مقتضيات الربح الرأسمالي الذي تستهدفه الشركات م ج وفي إطار احتكار القلة و تتم المنافسة في ظل نظام احتكار القلة عن طريق السيطرة على الأسواق من خلال أساليب تجديد و تنويع المنتجات باستخدام التكنولوجيا لذا كانت التكنولوجيا السلاح الأكثر فاعلية في يد هذه الشركات ومن ثم تعمل على إحكام سيطرتها عليها لذا لا تؤدي عمليات تسويق التكنولوجيا على المستوى الدولي لنقل حقيقي لها بل إلى تعميق سيطرة هذه الشركات أخذاً في الاعتبار ضعف المركز التفاوضي للدول
النامية التي تلجأ لاستيراد التكنولوجيا استجابة لمقتضيات نمط التنمية فيها و عدم توافر المعلومات لديها عن التكنولوجيات المتاحة لدى الدول المتقدمة و القدرة على تحليل هذه المعلومات و تقويمها إذ يتطلب ذلك نسق تكنولوجي على درجة من التقدم غير موجود أصلاً في هذه الدول فالدول النامية تدخل سوق التكنولوجيا مشترية دون أن يكون لديها معلومات كافية عما تريد شراءها يضعها في مركز ضعيف أمام الشركات م ج التي يتم نقل التكنولوجيا من خلالها
و من ناحية أخرى فإن نقل التكنولوجيا أداة في يد الشركة متعددة الجنسية لاختراق أسواق الدول النامية مع استمرار سيطرتها على التكنولوجيا
ففي حالات الاستثمار المباشر لا يمكن القول بأنه يتضمن نقلاً للتكنولوجيا بالمعنى الصحيح حيث يمكن التمييز بين النقل الداخلي للتكنولوجيا الذي يتم بين الشركة م ج وأحد شركاتها فهو و إن كان يتم عبر حدود الدول إلا أنه يتم في إطار نفس المشروع فتعتمد الشركة الوليدة على الشركة الأم فيما تحتاجه من معارف تكنولوجية يتم تطويرها في الدولة الأم حيث تتركز أنشطة البحث و التطوير و نادراً ما يتم تطويع هذه التكنولوجيا و إذا تم فغالباً ما يقتصر تطويع هامشي أو على عمليات الرقابة على الجودة كما تعمل الشركة الوليدة بمعزل عن النسق الإنتاجي المحلي فتبقى التكنولوجيا حبيسة المجال الاقتصادي الداخلي للشركة متعددة الجنسية
أما إذا تم نقل التكنولوجيا خارجيا من خلال الترخيص لأحد المشروعات المحلية باستخدام التكنولوجيا فإن ضعف المركز التفاوضي للدول النامية يتيح لمصدري التكنولوجيا وضع حدود للمعرف التكنولوجية المنقولة و فرض شروط مقيدة تهدف إلى بقاء التكنولوجيا تحت سيطرة هذه في الوقت الذي تعمد فيه هذه الشركات إلى جعل التكنولوجيا بداية تدفقات مستمرة من السلع و الخدمات الضرورية لاستخدام التكنولوجيا بما يضاعف من أرباحها و في النهاية يبقى نقل التكنولوجيا أحد أساليب تخطيط الإهلاك التكنولوجي تتخلص به من التكنولوجيات القديمة مع ربط متلقيها بأشكال لا تنتهي من التطويرات الجديدة لها
ثانياً: حالة قطاع الدواء
1 ـ هيكل قطاع الدواء في مصر و تطوره
تعر ف منظمة الصحة العالمية الدواء بأنه أي مادة كيميائية من أصل نباتي أو حيواني أو معدني طبيعية أو تخليقية تستعمل بغرض معالجة / وقاية / تشخيص أمراض الإنسان أما صناعة الدواء فهي في معناها الضيق صناعة الأدوية تامة الصنع جاهزة لاستعمال الجمهور و صناعة المواد الدوائية التي تركب منها هذه الأدوية أما في معناها الواسع فتضم إلى جانب ذلك الصناعات التكميلية اللازمة لهاتين الصناعتين و لتوفير باقي احتياجات قطاع الدواء
و على ذلك تشمل صناعة الدواء بمفهومها الخير الصناعات الدوائية المتكاملة الآتية :
صناعة الأدوية تامة الصنع و المستحضرات الصيدلية و الصحية المكملة للدواء
صناعة الماد الطبية و الصيدلية التي تعتبر مكونات الدواء
صناعة مواد التعبئة و التغليف بالمواصفات التي تتطلبها صناعة الدواء
صناعة المستلزمات و الأجهزة التي تختص بقطاع الدواء
و قد مرت صناعة الدواء المصرية بعدة مراحل متتالية لكل منها سماتها المتخصصة و يمكن تحديدها في ست مراحل
المرحلة الأولى منذ ثورة 1919 حتى بداية الحرب العالمية الثانية
و قد شهدت هذه المرحلة نشأة صناعة الدواء المصرية اعتماداً على المجهود الفردي و رؤوس الموال الوطنية المحدودة و لكن بنهاية هذه المرحلة حاولت بعض المعامل الفردية إنتاج بعض الأدوية في أشكال صيدلية متطورة كالأمبولات واللقاحات مما أثار حنق الشركات العالمية التي كانت تسيطر تماماً على سوق الدواء في مصر و دفعها إلى إجهاض المعامل الفردية الناشئة
المرحلة الثانية منذ قيام الحرب الثانية و حتى 1952
و كانت أهم سمات هذه المرحلة نزول شركات مصرية إلى الميدان إلى جانب الأفراد مع عدم مساهمة الحكومة في رأسمال هذه الشركات فأسس بنك مصر شركة مصر للمستحضرات الطبية 1940 و تلتها شركة ممفيس الكيماوية و ساعد هذه الشركات قيام الحرب العالمية و تعذر استيراد الدواء فضلاً عن الخبرة التي اكتسبتها في مجال التصنيع و التسويق بما أدى لتزايد المعامل الفردية و لم تقدم الحكومة حتى نهاية هذه المرحلة أي معونة لصناعة الدواء باستثناء تفضيلها في التوريد للقطاع الحكومي حتى لو زادت أسعارها بما لا يتجاوز 10% من سعر الدواء المستورد وبرغم جهود هذه الشركات إلا أن تأثيرها لم يكن يذكر فلم يزد إنتاجها عن 2/1 مليون جنيه ولم يغط إلا 10% من احتياجات البلاد
المرحلة الثالثة من 1952 حتى قرارات التأميم 1961
فتم تخفيض أسعار الأدوية و إنشاء الهيئة العليا للأدوية و تم قصر توزيع و استيراد الدواء على المؤسسة المصرية لتجارة و توزيع الأدوية و تولت الدولة الإشراف على 95 % من الإنتاج الدوائي و كان أهم نتائج هذه المرحلة تسعير الأدوية استيرادها بأسمائها العلمية بما أدى لانخفاض سعرها و أيضاً الانفتاح العالمي على مصانع الأدوية العالمية التي أقبلت على انتج أدويتها محلياً فأدى ذلك كله إلى النمو الريع للإنتاج
المرحلة الرابعة من 1962 ـ 1975
حيث أنشئت المؤسسة العامة للأدوية لتتولى تخطيط قطاع الدواء و تنظيم كافة عملياته و حققت هذه المرحلة خطوات رائدة في صناعة الدواء فتم إنشاء 5 شركات جديدة و أول شركات إنتاج الكيماويات الطبية و مستلزمات التعبئة و التغليف و إنشاء مركز الأبحاث و الرقابة الدوائية كما اتسمت بتركز الإنتاج و ضخامته بما أدى للاستفادة من وفورات النطاق و الدخول في عقود تصنيع لأهم الأدوية العالمية
المرحلة الخامسة 1975 ـ 1983
و تم إنشاء المجلس الأعلى لقطاع الدواء بدلاً من المؤسسة العامة للأدوية تمشياً مع سياسة الانفتاح بهدف توفير مزيد من الحرية للوحدات الإنتاجية و اصبح الإنتاج يغطي 80% من احتياجات السوق المحلي
الهيكل العام لشركات قطاع الدواء في تلك الفترة
سكويب سيكم شركة العبوات الدوائية
مستحضرات دوائية كيماويات و خامات دوائية تعبئة و تغليف تجارية
مصر للمستحضرات الطبية النصر للكيماويات الدوائية شركة العبوات الدوائية المصرية لتجارة الأدوية
ممفيس الكيماوية
تنمية الصناعات الكيماوية
القاهرة للأدوية ـ الإسكندرية للأدوية ـ النيل للأدوية
و قد تحولت شركات القطاع العام إلى قطاع الأعمال العام كما التحقت فروع الشركات م ج سويس فارما و فايزر و هوكست بنظام الاستثمار سنة 1990 إضافة إلى سكويب وبروكتر أند جامبل فأصبحت كلها فروع مملوكة ملكية كاملة للشركة الأم
تطور إنتاج الدواء :
شهد إنتاج الدواء معبراً عنه بقيمة الإنتاج زيادات متتالية في الفترة من 1952 حتى الآن حيث لم تشهد أسعار الدواء ارتفاعاً يذكر حتى منتصف السبعينات .
مع بداية الانفتاح الاقتصادي استمر تزايد الإنتاج من الشركات في القطاع المشترك الذي ارتفع في الفترة من سنة 1975 حتى سنة 1986 من 11.8 مليون جنيه إلى 151 مليون جنيه بنسبة 1186.4% أما إنتاج القطاع العام في هذه الفترة فقد زاد من 46.1 إلى 370.1 مليون جنيه بنسبة 703% و تعود هذه الزيادة في جزء منها إلى زيادة الأسعار التي ارتفعت بنسبة تصل إلى 30% لبعض المستحضرات كما ارتفع سعر الدواء سنة 1983 بنحو 5% كضريبة استهلاك إلا أن هذا الارتفاع يعد محدوداً بالمقارنة بالقفزات الكبرى في قيمة الإنتاج التي تعود بالأساس لزيادة الكمية المنتجة
تطور قيمة الاستيراد من الأدوية
وقد شهدت معدلات استيراد الأدوية تغيرات متذبذبة فعلى حين انخفضت قيمة الأدوية المستوردة في الفترة 1960 _1967 من 8.7 مليون جنيه إلى 2.8 مليون جنيه فقد استمر الاتجاه العام في التصاعد برغم تذبذب قيمة الأدوية المستوردة يعود ذلك للارتفاع المستمر في أسعار الأدوية نتيجة إعادة تقويم سعر الدولار بالنسبة للجنيه إضافة لتنوع الأدوية المستوردة و إغراق الأسواق بأدوية لم تكن معروفة من قبل
تطور قيمة الاستهلاك الظاهري من الدواء
ارتفع حجم الاستهلاك بصورة مستمرة فوصل سنة 1987 887.6 مليون جنيه و تعود هذه الزيادة لتطور الوعي الصحي و التوسع في نظام التأمين الصحي إضافة إلى تنوع الإنتاج و مع تطور الاستهلاك زادت الأهمية النسبية للمستهلك من الإنتاج المحلي لتصل إلى أقصى معدل لها عام 72 /1973 فبلغت 88% من إجمال الاستهلاك و تراوح المعدل بين 75 ـ85 % من إجمالي الاستهلاك
طور نصيب الفرد من الدواء
شهد نصيب الفرد المصري من الدواء زيادة متواصلة و يتفاوت معدل هذه الزيادة لكنها بصورة عامة تدور حول نسبة 12 % سنوياً و بالغم من هذه الزيادة إلا أن معدل نصيب الفرد المصري من الدواء لا يزال أق بكثير من المستويات العالمية ففي الوقت الذي قدر فيه المستوى العالمي ب12 دولار كان في مصر 6 $ واستمر متوسط نصيب الفرد المصري ثابتاً برغم زيادة المستوى العالمي الذي وصل إلى 113 $
تطور الصادرات المصرية من الدواء
برغم تطور الصادرات المصرية من الأدوية إلا أن معدل نمو الصادرات بقى محدوداً حتى مع زيادة الإنتاج نظراً لزيادة عدد السكان و معدلات الاستهلاك فضلاً عن عدم وصول تكنولوجيا الإنتاج إلى المستويات العالمية في كل الأنواع و من ناحية أخرى لا تزال الفجوة واسعة بين الصادرات و الواردات فلم تتجاوز نسبة تغطية الصادرات للواردات 10 % و السبب في ذلك قصور الإنتاج المخلي عن تغطية الاستهلاك فلم تزد نسبة تغطية الإنتاج للاستهلاك عن 85% من الاحتياجات كما تعتمد صناعة الدواء على الاستيراد لاستيفاء أكثر من 70% من مستلزمات الإنتاج
2 ـ الشركات متعددة الجنسية ونقل التكنولوجيا
تنوعت خبرات قطاع الدواء مع الشركات متعددة الجنسية في مجال نقل التكنولوجيا باختلاف الظروف الاقتصادية و السياسية و بتنوع أساليب هذه الشركات و يمكن إجمال أساليب عمل هذه الشركات في
عقود الترخيص بإتاوة عقود التصنيع
الاستثمار المباشر و ذلك عن طريق
ـ لإقامة فروع للشركات متعددة الجنسية
إقامة الشركات المشتركة
و بالطبع عن تجمع الشركات متعددة الجنسية بين أكثر من أسلوب في وقت واحد مثل الدخول في اتفاقات تصنيع في إطار إقامة شركات مشتركة
عقود الترخيص بإتاوة
و لا تمثل هذه العقود نقلاً للتكنولوجيا في المعنى الصحيح حيث تقتصر في أغلب الأحيان على استيراد الأدوية في صورة غير معبأة Bulk و يتم إعادة تعبئتها محلياً و تسويقها و العمليات التصنيعية في هذه الحالة بسيطة و لا تستلزم أية تعقيدات أجنبية أو يتم اللجوء إلى هذه العقود في حالة عدم الاحتياج لخبرات أجنبية نتيجة اكتساب الشركة الوطنية خبرة طويلة في عملية إنتاج الدواء في شكله النهائي أو Formulation فيصبح كل ما تحتاجه هو الترخيص لها بالإنتاج و قد كان ذلك ضرورياً في هذه المرحلة سواء لصعوبات الاستعانة بالخبرة الأجنبية فقد قامت لجنة الأدوية بالمجلس القومي للخدمات بأول الدراسات الخاصة بتصنيع الأدوية سنة 1954 و قابلت صعوبات جمة في محاولة الاستعانة بالخبرة الأجنبية في تطوير صناعة الأدوية المصرية و فشلت في الحصول على أي عقد اتفاق تصنيع مع أي شركة أجنبية
و من ناحية أخرى فقد كان إنتاج الأدوية بأسماء أجنبية أحد الأهداف التي قررتها هيئة الأدوية فرأت إنتاج الأدوية ذات الأسماء العالمية التي رسخت في أذهان الأطباء حتى لا تحدث هزة من تغييرها مرة واحدة
عقود التصنيع
حيث يتم التصنيع المحلي من خلال عقود تصنيع و يتم إنتاج الدواء بصورة كاملة من خلال الاتفاق مع إحدى الشركات العالمية المتعددة الجنسية غالباً لتصنيع دواء بذاته و يتم نقل المعارف الفنية و الخبرات اللازمة لتصنيع هذا الدواء محلياً كما قد يتم استخدم العلامة التجارية أو الاسم التجاري للدواء المصنع و بالطبع يمكن أن تبرم شركة واحدة عقود متعددة مع شركات مختلفة لتصنيع أدوية متعددة ويمكن تمييز مرحلتين في خبرة اللجوء لهذه الاتفاقات
الأولي: حتى أواخر السبعينات
حيث تركزت عقود التصنيع في مجال تشكيل الدواء و لغت هذه المرحلة ذروتها بالتوصل للعق النمطي الأول و الثاني كمرشد لهذه الاتفاقات
فقد زاد الاتجاه لعقود التصنيع بعد إنشاء مؤسسة الأدوية ووقف تيار إنشاء الشركات ذات الرأسمال المشترك في هذه الفترة فتم استبدال مشروعات التصنيع المحلي بها لاكتساب الخبرة و قد تحددت أهداف اتفاقات التصنيع في
ـ إنتاج الأدوية الحيوية الهامة المستوردة التي لا يمكن الاستغناء عنها و التي عجزت الخبرات المحلية في ذلك الوقت عن إنتاجها بالخبرات الذاتية
ـ انتج المجموعات الدوائية التي لا تنتج محلياً خاصة مجموعة الهرمونات و أدوية القلب و الضادات الحيوية الحديثة فقد كان الإنتاج المحلي يغطي 35 مجموعة من إجمالي 44 مجموعة دوائية
ـ اكتساب الخبرة الفنية في تصنيع الأدوية للكفاءات الناشئة في الشركات الوطنية و بخاصة في المجالات الجديدة في إنتاج الدواء (المحاليل المعوضة للدم - قطرات العين الهرمونات )
ـ الانفتاح على العالم الخارجي عن طريق تبادل الخبرات مع شركات اتفاقات التصنيع على أساس ما تتيحه هذه الاتفاقات من بعثات للصيادلة و الفنيين إلى المصانع الأجنبية مما يخلق فرص الاحتكاك الدولي للتعرف على الاتجاهات العلمية الحديثة
ـ تحقيق الوفر في النقد الأجنبي المستخدم في استيراد الأدوية تامة الصنع
ـ نقل التكنولوجيا في صناعة الأشكال الصيدلية من خلال اتفاقات تصنيع أقل تكلفة و أكثر فائدة كما سيتضح لاحقاً من الشركات المشتركة أو إقامة فروع للشركات الأجنبية
و قد وصلت هذه المرحلة أوجها بالتوصل للعقد النمطي الأول لاتفاقات التصنيع 1972 و تلاه العقد النمطي الثاني ويمكن تقويم العقود النمطية في ضوء الأهداف السابقة التي وضعت من أجلها
* وبداية فقد كان وضع نماذج لعقود نمطية خطوة كبيرة نحو سياسة واضحة لنقل التكنولوجيا في قطاع الدواء فقد نجح قطاع الدواء فيما لم تنجح فيه اللجنة التي شكلت لوضع مشروع قانون لتنظيم تدفق التكنولوجيا الأجنبية لمصر بما يحمي مصالح المتلقي و بالفعل استرشد العديد من الشركات بهذا العقد و تكونت خبرات و معلومات لدى هذه الشركات مكنتها من الحصول على أفضل الشروط من عقود التصنيع و أفادت هذه الخبرات في تعديل العقد الأول ووضع العقد النمطي الثاني
* و قد عالج العقد النمطي الثاني كثيراً من مواطن ضعف العقد الأول فأكد على الكثير من النقاط الهامة في مجال التفاوض مثل التأكيد على أن التكنولوجيا المنقولة بغرض التصنيع و ليس بغرض التعبئة أو خلافه فاشترطت بنود العقد ضرورة تحديد المستحضرات المتفق على صناعتها و كيفية تركيبها و تحليلها
*كما تلافى العقد العيد من الشروط المقيدة التي يفرضها مورد التكنولوجيا فنص على
ـ عدم التزام المصنع المصري بشراء المواد الخام من مورد التكنولوجيا الذي غالباً ما كان يفرض مواد لا مبرر لها كما وحد العقد جهة شراء المواد الخام بما وفر رؤية أوسع و درجة أكبر حرية الحركة
حق المصنع المصري في تصنيع المستحضرات بعد مدة العقد التي تدخل في تركيبها مواد أساسية تدخل في مستحضرات الشركات الأخرى و كانت هذه إحدى الشروط المقيدة التي تفرضها الشركات م ج ليظل المتلقي المحلي تحت سيطرة هذه الشركات مدى الحياة
ـ حاول العقد معالجة مصاريف المكاتب العلمية التي كانت تشكل نسبة يعتد بها من مبيعات الشركات المحلية و إن لم يقض على هذه الظاهرة بصورة كاملة
*و قد حققت هذه العقود أهدافها فقد زاد حجم الإنتاج زيادة حقيقية و تبدو هذه الزيادة عدد المجموعات الدوائية المنتجة و تنوعها و تنوع الأشكال الصيدلية إضافة لتخفيض الاعتماد على الاستيراد إلى 20 % من احتياجات البلاد كما يلاحظ زيادة درجة التعقيد التكنولوجي و الاتجاه نحو عمليات تصنيعية أعلى فقد انخفضت نسبة أصناف إعادة التعبئة إلى 1.2 من إجمال الإنتاج بعد أن كانت سنة 1980 17.5 % من الإنتاج و ارتفعت نسبة الأدوية المنتجة بالاعتماد على الذات إلى 65.1% سنة 85/1986
لكن موطن الضعف في هذين العقدين يكمن في التركيز على صناعة تشكيل الدواء و يعكس ذلك قصور التخطيط حيث لم يتم نقل التكنولوجيا بأسلوب متواز للقطاعات الخلفية أي صناعة الخامات الدوائية و الصناعات المغذية الأمر الذي أدى لحدوث اختناقات في الصناعة نتيجة نمو قطاع تشكيل الدواء و زيادة احتياجاته من المواد الخام التي زادت كمياتها و أسعار استيرادها من الخارج بما أدى لزيادة العجز في ميدان المدفوعات فيلاحظ أن العقد النمطي سلم بشراء المواد الخام من الخارج دون إشارة إلى إمكانية تصنيعها أو تضمين العقد أي نص يشير لاحتمال هذا التصنيع أو ما يعني ضرورة تفهم الإدارة لأهمية تصنيع المواد الخام محلياً ووضع ضوابط و محددات لهذه الصناعة
أما المرحلة الثانية في ظل قوانين الاستثمار فقد اتسمت ببداية دخول شركات الدواء مجال التكنولوجيا المتقدمة في تشكيل الدواء و المستلزمات الطبية و صناعة الخامات الدوائية لذلك تمت عقود الصنيع في هذه المرحل في إطار شركات مشتركة تساهم الشركات م ج في رأسمالها خاصة بالنسبة للشركات المنتجة للمواد الخام لارتفاع درجة التعقيد التكنولوجي في هذه الصناعة و صعوبة تخلي الشركات الناقلة عن التكنولوجيا الخاصة بها في مجرد ترخيص بتصنيع أو نقل معرفة فنية دون رقابة عليها على ما سيتضح من دراسة هذه الشركات
نقل التكنولوجيا عن طريق الاستثمار المباشر
فروع الشركات المتعددة الجنسية
لا تتضمن إقامة فروع للشركات الأجنبية المتعددة الجنسية نقلا للتكنولوجيا بصورة حقيقية حيث لا تختلف التدفقات التكنولوجية هنا في طبيعتها عن غيرها من التدفقات المالية و السلعية التي تتم داخل المشروع م ج فهي تدفقات داخلية تتم داخل المحيط الاقتصادي له و وفقاً للاستراتيجية العامة الكلية لهو التي تتحدد على نطاق عالمي أما الفرع فهو جزء من كل متكامل يعمل لتحقيق الهدف الاستراتيجي للمشروع تحت سيطرة مركزية موحدة و يظهر ذلك من أنشطة البحث و التطوير التي تتركز في الشركة الأم التي تمد الفرع بالحزمة التكنولوجية متكاملة العناصر بما يعزل الفرع عن النسق التكنولوجي المحلي في الدولة المضيفة و من ثم حرمانه من الاستفادة من الإمكانات العلمية و التكنولوجية للشركات م ج نفس الأمر بالنسبة لعملية التدريب و ما يحيط بها من قيود بما يحد من ذيوع التكنولوجيا و انتشارها
تمثلت بداية فروع الشركات م ج في فرع شركة سكويب الذي نشأ في ظل قانون الاستثمار رقم 43 و تمت الموافقة عليه في 15/12/1974 و بدأ العمل سنة 1979 و يعمل في مجال المستحضرات الدوائية وتلاه شركة سويس فارما التي أتت نتيجة مشاركة سيبا جايجي مع ساندوز بتكلفة استثمارية 151 مليون جنيه، و هوكست الشرقية ، و فايزر مصر و التحقت هذه الشركات سنة 1990 بنظام الاستثمار وتمثل هذه الشركات إضافة إلى بروكتر آند جامبل 13% من الشركات م ج العاملة في مصر و تعد الشركات الأم لهذه الفروع من أكبر 300 شركة م ج في العالم حسب تقدير مجلة فورشن
فبالنسبة لأول هذه الفروع إنشاءً سكويب مصر فيلاحظ أن إنتاجها لم يشهد تطوراً ملحوظاً حيث زاد عدد المجموعات الدوائية التي تساهم الشركة في إنتاجها من 7 مجموعات سنة 1980 إلى 8 مجموعات مع تخليها عن مجموعة دوائية كانت تنتجها سنة 1980 و هي مجموعة أدوية الأنف و الأذن و الحنجرة مع إضافة مجموعتين دوائيتين مجموعة الفيتامينات والفيتامينات والمعادن المركبة كما لم يحدث تطور يذكر في عدد الأصناف منذ سنة 1980 فلم يتعد عددها 48 صنفاً و يمكن من ذلك استنتاج أن سياسة الإنتاج في الشركة تحكمها اعتبارات تختلف عن تلك التي تحكم شركات الدواء الأخرى و هو ما يبدو واضحاً في تحديد عدد الأصناف المنتجة و تحديد المجموعات الدوائية التي تتم المساهمة فيها و تتضح ذلك أيضاً من تحليل السياسة التكنولوجية للشركة
فقد كان للشركة فضل إدخال تكنولوجيا بيئة تصنيع الدواء في مصر و إن أصبحت الآن من التكنولوجيات القديمة و من خلال هذه التكنولوجيا يتم تهيئة كل قسم من أقسام تصنيع الدواء ليصبح بيئة صالحة تماماً لعملية التصنيع من حيث درجة الحرارة و الرطوبة و العقيم إلا أن ارتباط الشركة بالسياسة التكنولوجية للدولة الأم يظهر بوضوح في نشاط البحث و التطوير فلا يوجد بالفرع مستقل للبحث و التطوير بهدف ربط الإنتاج بمتطلبات الصحة العامة و الظروف الصحية و العلاجية في مصر
و يعتمد إنتاج شركة سكويب على ما يجري في الشركة الأم الذي تحكه اعتبارات إمكانات التسويق عالمياً و تطور الأمراض في أمريكا أولا ( السوق الرئيسي لمنتجات الشركة )فترى الشركة أن تخصيص بحث و تطوير لاستنباط أدوية تعالج الأمراض المتوطنة يعني عدم إمكانية تسويق إلا في السوق المصرية الذي يعني عدم إمكانية تغطية نفقات البحث و التطوير و من ثم عدم جدواه و لا يغني عن هذه السياسة ما تدعيه الشركة من أنها تعتبر نافذة مفتوحة لمصر على صناعة الدواء العالمية فمصر في حاجة أيضاً لأدوية التي تعالج الأمراض المتوطنة فيها و التي قد تكون سبباً في ظهور أمراض جديدة
الشركات المشتركة
و قد مثلت هذه الشركات بداية الخبرة المصرية في التعالم مع الشركات م ج في مجال قطاع الدواء ففي ظل الصعوبات التي واجهت تطوير صناعة الدواء تمت الموافقة على طلب بعض الشركات م ج لإنشاء فروع لمصانعها في مصر برأسمال مشترك 60 % أجنبي 40 % مصري فتمت الموافقة على 3 شركات عام 1958 هي فايزر و هوكست و سويس فارما و التي بدأت إنتاجها عامي 1962 و 1965 على التوالي
و يلاحظ أن هذه الشركات اقتصرت على مجال تصنيع الدواء النهائي أو التشكيل و تمثل نقل التكنولوجيا من خلالها في اتفاقات التصنيع التي تضمنت تقديم المعرفة الفنية و في المرحلة الثانية في ظل قوانين الاستثمار تطرقت لصناعة الخامات الدوائية و صناعة المستلزمات الطبية و لتعبئة و التغليف وانعكس ذلك في تنوع الشروط المقيدة التي فرضتها الشركات م ج على هذه الصناعة
المرحلة الأولى
و يمكن ملاحظة أثر التكنولوجيا المنقولة من خلال استعراض عدد المجموعات الدوائية التي تشارك فيها هذه الشركات و الأصناف المنتجة التي توضح أن:
شركة سويس فارما هي أكبر الشركات المنتجة 22 مجموعة دوائية 103 صنف سنة 1987 تليها هوكست الشرقية 16مجموعة دوائية 61 صنفا تليها فايزر/مصر 13 مجموعة دوائية و 38 صنفاً
و قد ارتبط ذلك بتطور قيمة إنتاج هذه الشركات ففي عام 1987 بلغ إنتاج سويس فارما 67.9 مليون جنيه و هوكست الشرقية 36.7 مليون و فايزر مصر
كما انخفض عدد المجموعات الدوائية التي لا تسهم فيها هذه الشركات إلى 14 مجموعة دوائية سنة 1984 منها أدوية التخدير و أدوية التشخيص و أدوية المضادات الكيماوية و أدوية الفم و الأسنان و أدوية حماية الكبد و الشيخوخة و تسهم هذه الشركات بصورة ضعيفة في مجموعة بديلات الدم و البلازما التي تسهم فيها فايزر /مصر بصنف واحد و أدوية مضادات الدرن و الجذام التي تسهم فيها سويس فارما بصنفين فقط كما توقفت هذه الشركات عن إنتاج أدوية السلفا و يلاحظ أن هذه المجموعات من الأدوية التي تنتج بكميات قليلة في قطاع الدواء و يتم استيرادها نظراً لأن بعضها يحتاج تكنولوجيا متقدمة تضع الشركات المحتكرة لها شروطاً مقيدة لنقلها أما الأدوية التي تنتج بأنواع وكميات متوسطة فقد غابت هذه الشركات عن إنتاج بعضها مثل أدوية الفم و الأسنان أو ظل إنتاجها منها ثابتاً مثل أدوية الرمد التي يتم استيراد الكثير منه للأسباب السابقة عدم توافر مواد التعبئة بمواصفاتها الخاصة
يتضح من ذلك أن المجموعات التي تساهم فيها هذه الشركات من المجموعات التي تنتج بكثرة في قطاع الدواء المصري مثل أدوية المسكنات التي بلغ إنتاج هذه الشركات منها 22.1% من إجمالي الإنتاج سنة 1987 و كذلك المضادات الحيوية 14% و أحد أسباب ذلك ارتفاع أراح هذه الأدوية و عدم تطلبها لتكنولوجيا ذات درجة عالية من التقدم فمثلاً أدوية المضادات الحيوية حققت صافي ربح 5.8 مليون جنيه بنسبة 13 % من تكلفة الإنتاج و لا تتطلب صناعة هذه المجموعة تكنولوجيا متقدمة لأنها تقوم أساساً على التخمير بما يفسر توسع هذه الشركات في إنتاجها
المرحلة الثانية
بدأت هذه المرحلة مع قوانين الاستثمار و اتسمت بالاتجاه لصناعة الأدوية التي تحتاج لتكنولوجيا متقدمة و تطرق قطاع الدواء إلى مجال صناعة الخامات الطبية و المستلزمات الطبية و وصناعات التعبئة و التغليف بما أدى لغلبة الشركات المشتركة بين الشركات م ج و الشركات المحلية تعددت الشروط التي فرضتها الشركات م ج لضمان سيطرتها على التكنولوجيا المنقولة و قد تنوعت هذه الشروط المقيدة حسب مجال الإنتاج فكانت أكثر تشدداً في مجال الصناعات المغذية عنها في صناعة تشكيل الدواء
*شركات المستحضرات الطبية
و مثالها أكتوبر فارما و العامرية للصناعات الدوائية و تمثلت التكنولوجيا المنقولة لهذه الشركات في حق المعرفة و المعونة الفنية و العلامات التجارية و التدريب
و فيشير عقد شركة اكتوبر فارما مع شركة هنريش باك ناسف إلى:
التزام الشركة الموردة بإمداد الشركة المصرية بمواصفات المنتجات و أساليب تحليلها و تركيبها بما يمكنها من إنتاجها وفقاً للمواصفات الإنتاج الجيد
إمداد الشركة المصرية بأية تحسينات أو تطوير على العملية الإنتاجية أو المنتجات محل التعاقد و أن تتولى الشركة الموردة تقديم الهندسة الأساسية للشركة المصرية التي تتولى الهندسة التفصيلية حتى لا تصبح العملية مجرد عملية تسليم مفتاح
التزام الشركة بعدم بيع المواد الفعالة لأطراف أخرى حتى لا تخلق مجالا للمضاربة و المنافسة بين هذه الأطراف لصالح الشركة الموردة
و في المقابل فقد تحملت الشركة نفقة عالية للتكنولوجيا المنقولة من خلال الإتاوة التي تدفعها بنسبة 5 % من المبيعات إضافة لالتزام الشركة بشراء المادة الخام من الشركة الموردة
و عملت الشركة الموردة على ضمان سيطرتها على التكنولوجيا المنقولة من خلال النص على إيقاف التصنيع ورد كل ما يتعلق بالتكنولوجيا المنقولة من مستندات و غيرها بعد انتهاء سريان العقد
أما في حالة شركة العامرية للصناعات الدوائية فقد حرصت شركة رون بلانك على السيطرة على المشروع المشترك ليس فقط من خلال إسهامها في راس المال 34 % بل الأهم سيطرتها على الإدارة من خلال شكل الأسهم و أسلوب توزيعها و طريقة اتخاذ القرار أما التكنولوجيا المنقول فكانت عبارة عن
حقوق الترخيص
باستعمال العمليات التصنيعية التحسينات التي تطورها رون بلانك و استخدام علامتها التجارية
المعرفة الفنية حيث تعهدت الشركة بتقديم كل البيانات المتاحة والمواصفات والمعرفة التي تتعلق بتصنيع المنتجات الدوائية كما تعهدت بتعيين مستشار فني لمساعدة صيادلة الشركة و تدريب موظفيها
التطوير و المعلومات العلمية :فشركة رولان بلانك مسئولة عن التطوير و المعلومات العلمية التي تتعلق بمنتجاتها في مصر من خلال مكتبها العلمي أما نفقة نقل التكنولوجيا فتمثلت في
دفع إتاوة 5 %على البيعات دون تحديد فترة معينة فتستمر الإتاوة طالما استمرت الشركة و تمتد هذه الإتاوة إلى المنتجات الجديدة
و يتم تسويق المنتجات من خلال المكتب العلمي لرولان بلانك في مصر مقابل 5 % من المبيعات
وبرغم النص على إمكانية شراء المواد الخام من أي مصدر إلي أن اشتراط موافقة الشركة الواردة على مستوى جودتها افرغ هذا النص من مضمونه
و ضماناً لسيطرة الشركة الأم على الشركة الجدبة تعيين محاسب من الشركة الأم لمراجعة حسابات الشركة المشتركة و أن يتم الفصل في أي نزاع بين الشركة الأم و الشركة المشتركة من خلال التحكيم التجاري
*شركات الصناعات المغذية
من هذه الشركات شركة شيرر مصر التي تخصصت في صناعة الكبسولات والمستلزمات الطبية بين شركة
RP شيرر و الشركة الإسلامية للأدوية و قد أدى ارتفاع درجة التقدم التكنولوجي في هذه الصناعة إلى اشتراط الشركة الأجنبية المساهمة بنسبة 60 % من راس المال حتى تضمن سيطرتها عليها كما ربطت بين مدة الاتفاق المشترك و اتفاقية الترخيص بالتكنولوجيا و نص الاتفاق على عدم قيام المشروع بأي تطوير أو تحسين على المنتج إلا بموافقة الشركة الأجنبية بما يعني تقييد حركة الشركة المشتركة في البحث و التطوير و نصت في حالة الموافقة على حق الشركة الأمريكية في الحصول على هذه التحسينات دون مقابل بخلاف التطويرات التي تجريها الشركة الأم كما قصرت الاتفاقية حصول الشركة على المواد الخام من إحدى الشركات الألمانية التابعة للشركة الأم أما الإتاوة فقد بلغت نسبتها 5 % من المبيعات بصفة ربع سنوية دون تحديد مدة الإتاوة و حددت الاتفاقية القانون السويسري باعتباره القانون الواجب التطبيق
و يتضح من نراجعة عقود نقل التكنولوجيا في هذه المرحلة أن :ـ
* هناك تنوع في النشاط الإنتاجي حيث دخلت ثلاثة شركات لمجال إنتاج المواد الخام و ثلاثة أخرى في الأنشطة الكملة من إجمالي عشر عقود لنقل التكنولجيا
*حظيت الشركات الأمريكية بأكبر نصيب من العقود 5 عقود لنقل التكنولوجيا و إن تنوعت جنسية بقية بما يعني عدم الاعتماد على مصدر وحيد لنقل التكنولوجيا
*تمثلت التكنولوجيا المنقولة في حق المعرفة و المعونة الفنية و الترخيص بالتصنيع (خاصة لشركات تشكيل الدواء ) و الهندسة الأساسية و العلامات التجارية و التدريب
*فيما يتعلق بلآتاوة مقابل التصنيع فقد اختلفت من عقد لآخر لكنها جميعها جاءت بعيدة عما قررته العقود النمطية من أحكام
* كما اختلفت الشروط المقيدة حسب نوع النشاط فكانت أكثر تشدداً في مجال الصناعات المغذية عنها في مجال صناعة تشكيل الدواء و يرجع ذلك لارتفاع درجة التعقيد التكنولجي في مجال الصناعات المغذيمن ناحية و عدم وجود خبرة طويلة فيها من ناحية أخرى و لكن بصورة عامة نصت نعظم هذه الاتفاقات على شرط شراء المواد الخام والآلات و المعدات من مورد التكنولوجيا
دور الشركات م ج في نقل التكنولوجيا لقطاع الدواء
الإمكانات و الحدود
يمكن تقويم تجربة نقل التكنولوجيا من خلال مقارنة أثرها في تطوير الهيكل الإنتاجي للقطا من ناحية و نفقة نقل التكنولوجيا من ناحية أخرى فبالنسبة لأثر التكنولوجيا المنقولة على هيكل الإنتاج في قطاع الدواء فيمكن تقديره من خلال تطور الإنتاج سواء من حيث الكم و عدد المجموعات الدوائية و عدد الأصناف التي تم تطويرها من خلال نقل التكنولوجيا و إذا كان النقل الحقيقي للتكنولوجيا يعني توافقها مع النسق الإنتاجي المحلي فيجب دراسة أثر التكنولوجيا المنقولة على تكامل العلاقات الأمامية و الخلفية لصناعة الدواء و بالنسبة لنفقة نقل التكنولوجيا فيمكن تقديرها ليس فقط من خلال ما يتم دفعه من إتاوات عن التكنولوجيا المنقولة بل و الشروط المقيدة الأخرى التي تلجأ إليها الشركات الناقلة للتكنولوجيا لرفع كلفة هذا النقل سواء من خلال سياساتها أو الشروط المقيدة التي تجعل من عملية نقل التكنولوجيا بداية تدفق لا ينتهي من السلع و مواد الخام التي تحتكرها و تفرض عليها أسعاراً مبالغ فيها إضافة لإبقاء التكنولوجيا المنقولة تحت سيطرتها
1 ـ أثر التكنولوجيا المنقولة على تطور هيكل الإنتاج
ـ لقد شهد قطاع الدواء نمواً مطرداً يعود في جانب كبير منه لعملية نقل التكنولوجيا من سواء من خلال عقود التصنيع و تقديم المعرفة الفنية و التدريب .. أو من خلال شركات مشتركة يتم في إطارها نقل التكنولوجيا حيث قفز حجم الإنتاج من 134 مليون عبوة في بداية الستينات إلى 380 مليون عبوة في بداية السبعينات إلى 860 مليون في بداية التسعينات إلى 1046 مليون عبوة في العام 1993 / 1994 و كانت نسبة الزيادة بالنسبة لشركات القطاع العام 703 % بينما في الشركات المشتركة 1186.4% و ارتفعت نسبة إسهام الشركات المشتركة إلى 29.1 % من إجمالي الإنتاج
و وصلت نسبة الأدوية المصنعة محلياً بالاعتماد عي الذات بالخبرة الوطنية مع الاستعانة بالتكنولوجيا المنقولة 65.1% و أدى ذلك إلى تقليص حجم الأدوية المستوردة ليصبح 20 % فقط من الأدوية تامة الصنع
ـ كما تزايد مجموع الأدوية المنتجة من خلال المجموعات الدوائية في 1966 نوعاً بعد أن كان 1419 سنة 1980 و يمكن تقسيم المجموعات الدوائية من حيث كمياتها و إنتاجها إلى
مجموعات دوائية تنتج بكميات و أنواع كثيرة مثل المضادات الحيوية و المسكنات و أدوية المقويات وترتفع نسبة إنتاج الشركات المشتركة سويس فارما و هوكست الشرقية و فايزر مصر من هذه المجموعة فمثلاً أدوية المسكنات تسهم فيها هذه الشركات ب23 صنفاً بنسبة 22%
مجموعات دوائية تنتج بكميات و أنواع متوسطة و يتم استيراد بعضها نظرً المواصفات خاصة في التعبئة و التغليف مثل أدوية الرمد و يلاحظ غياب شركات سويس فارما و هوكست الشرقية و فايزر مصر عن إنتاج بعض هذه المجموعات مثل مجموعة أدوية الفم و الأسنان أو أن نسبة إنتاجها من هذه المجموعات بقى ثابتاً مثل أدوية الرمد التي تنتج منها 8 أصناف من إجمالي 50 صنفاً تتوزع بين هوكست الشرقية 3 أصناف و سويس فارما و فايزر مصر 3 لكل منهما
ـ مجموعات دوائية تنتج بأنواع و كميات قليلة و تحتاج لزيادة إنتاجها مثل أدوية التخدير حيث يعاني الإنتاج من مشكلة مواد التعبئة اللازمة و ارتفاع مستوى الجودة لمستوى المستورد و لا تسهم الشركات المشتركة و لا فروع الشركات م ج في إنتاج هذه المجموعة و بديلات الدم و البلازما ويتم استيراد كميات كبيرة منها و لا تسهم فيها من الشركات المشتركة و فروع ش م ج إلا شركة سويس فارما بصنف واحد من إجمالي 38 صنفاًً أما أدوية التشخيص و أدوية النزيف فلا ينتج منها سوى نوع واحد و يرجع ذلك أن هذه النوعية من الأدوية تتطلب تكنولوجيات متقدمة
مجموعات دوائية لا ينتج منها شئ و هي مجموعة ألبان و أغذية الأطفال و الأدوية المشعة و مجموعة الأدوية المضادة للسرطان و تتميز بارتفاع درجة التعقيد التكنولوجي المطلوب لتصنيعها فأمراض الأورام الخبيثة و فقد المناعة أمراض حديثة يتطلب اكتشاف أدوية لمعالجتها بحثاً و تطويراً مكثفاً و ما زال في طور الاكتشاف و زيادة الفعالية بما يعني ارتفاع تكلفته إضافة إلى أن الشركة المكتشفة تحرص كمبدأ عام على عدم التخلي عن ناتج معاملها التي تتمتع ببراءة الاختراع أما ألبان الأطفال فقد تعثر إنتاجها دون سبب واضح أما من حيث التطوير التكنولوجي في المجموعات الدوائية فيظهر من الجدول التالي
التطور في المجموعات الدوائية في شركات هوكست و فيزر و سويس فارما من المنظور التكنولوجي
المجموعات الدوائية مرتفع متوسط ضعيف
مضادات الطفيليات X
" الدوسنتاريا X
" الملاريا X
" مضادات التجلط X
" الحساسية X
أدوية الضغط و القلب *
الملينات المسهلات *
مضادات كيماوية X
مضادات الدرن *
أدوية الهضم X
أدوية الكبد و المرارة X
أدوية الغدد الصماء *
أدوية السلفا X
تطور ضعيف* تطور سالب X
و يظهر الجدول محدودية التطوير التكنولوجي في الأصناف الدوائية في هذه الشركات
أما أثر التكنولوجيا على تكامل علاقات صناعة الدواء فمن المعروف أن قطاع الدواء يشتمل على عدد من الصناعات المتكاملة التي تشتجر بينها العلاقات التبادلية التي تعمل في ظل نظام متكامل و يتضح اثر نقل التكنولوجيا على العلاقة بين صناعة الدواء في شكله النهائي و الصناعات المغذية من مواد خام و صناعات تعبئة و تغليف وقد أدى التوسع في نق التكنولوجيا لصناعة المنتج النهائي دون توسع مماثل في صناعة الخامات الدوائية و التعبئة و التغليف لتطلبها لتكنولوجيا عالية مكلفة للغاية إضافة إلى الممارسات المقيدة التي تنتهجها الشركات م ج المحتكرة لهذه التكنولوجيا للدول النامية بما أدى لاعتماد صناعة الدواء على الاستيراد من الخارج لتلبية حاجاتها من الخامات الدوائية و المواد الفعالة بنسبة 70 % بما يعنيه ذلك من ارتفاع أسعارها و حدوث اختناقات في الصناعة نتيجة تأخر مواعيد التوريد والأسعار الاحتكارية التي تفرضها هذه الشركات و بنفس الطريقة تطورت قاعدة إنتاجية ضخمة لإنتاج أدوية في أشكال صيدلية متنوعة دون أن يواكب ذلك صناعة تعبئة و تغليف متطورة بما أدى لعدم توفر العبوة المناسبة فعلى حين كانت شركات الأدوية تحتاج 2000طن من مواد التعبئة و التغليف كان مجمل الإنتاج المحلي 665 طن و بالتالي اللجوء للاستيراد بما بما يعنيه من آثار ضارة على ميزان المدفوعات أخذاً في الاعتبار أن تكلفة التعبئة و التغليف تمثل من 22ـ25 % من إجمالي تكلفة المنتج بسعر المصنع
نفقة نقل التكنولوجية
إضافة للمشاكل السابقة كانت نفقة نقل التكنولوجيا نفقة عالية فالإتاوات المفروض من الشركات م ج تراوحت في المتوسط بين 5 ـ 10 % من الأرباح هي نسبة عالية فضلاً عن اقترانها بشروط مجحفة أحيانا مثل عدم تحديد فترة زمنية لها فتستمر طالما استمر الإنتاج و إلزام معظم الشركات المتلقية بشراء المواد الخام من الشركة م ج كما فرضت هذه الشركات شروطاً تضمن بها سيطرتها على التكنولوجيا المنقولة مثل اشتراط تسليمها كل مستندات المعرفة الفنية بعد انتهاء العقد أو عدم إجراء تحسينات إلا برأيها و عدم ترخيص الفرعي لشركة أخرى أو سيطر الشركة م ج على إدارة الشركات المشتركة أما فروع الشركات م ج فلم تقم بنقل حقيقي للتكنولوجيا التي بقيت حبيسة الفرع و تحت السيطرة المباشرة للشركة م ج وفي كل الأحوال فقد كانت هناك حدود للتكنولوجيا المنقولة التي استخدمتها الشركات م ج لفتح السوق لها أمام المزيد من المواد الخام و السلع الرأسمالية و لكن يمكن إرجاع ذلك من ناحية أخرى لقصور التخطيط و النظرة الضيقة في التعامل مع هذه الشركات دون استفادة من خبرات الدول السابقة في التعامل مع هذه الشركات مثل البرازيل و الهند أو تطوير صيغة للتعاون الإقليمي في صناعة الدواء توفر فرصاً أفضل لها في التفاوض و الإنتاج و التسويق و هو ما يعالجه الجزء التالي
نقل التكنولوجيا في قطاع الدواء و اتفاقية الجات
يتمثل الهدف الأساسي لاتفاقية الجات في تمكين الدول العضو من النفاذ لأسواق بقية الدول الأعضاء خلال خفض القيود على التجارة الدولية بما يحقق التوازن بين رعاية الإنتاج المحلي و بين تدفقه و استقرار التجارة الدولية و قد تحولت الاتفاقية بعد التوقيع على إعلان مراكش في إبريل 1994 إلى إطار شامل للتجارة الدولية من خلال منظمة التجارة العالمية التي تم إنشاؤها سنة 1995 و إقامة نظام قانوني لتسوية منازعات التجارة الدولية و الأهم امتداد الاتفاقية لتشمل حقوق الملكية الفكرية و التي تشمل
حق المؤلف ـ حق العلامة التجارية التصميمات الصناعية
براءة الاختراع الدوائر المتكاملة أسرار المعلومات
و تتضمن الاتفاقية
ـ الأحكام العامة و تشمل شروط الدولة الأولى بالرعاية
ـحماية حقوق الملكية الفكرية من خلال وسائل محددة بهدف تشجيع الابتكار التكنولوجي و بما سيؤثر على وضع الدول النامية التي تمثل المستهلك الصافي براءات الاختراع و غيرها من المصنفات الفكري فتضمنت الاتفاقية بعض الاستثناءات و المزايا للدول النامية
ـ منح الدول النامية فترة انتقالية تتراوح من 5 ـ 10 سنوات قبل التزامها بتوفير الحماية لبراءات الاختراع الخاصة بالأغذية و العقاقير الطبية و المواد الصيدلية
_يمكن للدول النامية أن تستمر في إنتاج الأدوية و الكيماويات التي انتهت فترة حمايتها عند تطبيق الاتفاقية دون قيود
ـ تكفل الاتفاقية للدول النامية حق وضع نظام لضبط الأسعار بها حماية للصحة العامة
كما أن من حق الدول النامية في فرض نظام الترخيص الإجباري إزاء تعسف صاحب براءة الاختراع في استلام حقوقه أو ممارسته إجراءات غير تنافسية
ـ تتيح الاتفاقية للدول النامية الحق في حماية إنتاجها المحلي سواء بأسلوب حفز الصادرات أو حماية الأسواق المحلية من الإغراق
و يجب لتقويم اثر اتفاقية الجات على قطاع الدواء أخذ الحقائق التالية في الاعتبار
ـ أن صناعة الدواء من الصناعات كثيفة التكنولوجيا التي تكتنفها الأسرار الإنتاجية و حقوق الملكية الصناعية و كثير من الأدوية لا تزال في إطار المدة الزمنية التي حددتها الاتفاقية لحماية براءة الاختراع سواء كمنتج نهائي أو طرق تصنيع أو معرفة فنية
ـ حداثة صناعة الدواء في مصر حيث لم تتطور بصورة جدية إلا منذ أوائل الستينات فهي بالنسبة للصناعات
الأمريكية و الأوربية لا تزال صناعة ناشئة لا تقوى على المنافسة الكاملة
ـ برغم خبرة مصر الطويلة في مجال نقل التكنولوجيا إلا أنها لا تزال تخضع لكثير من الشروط المقيدة مثل منع الانتشار الأفقي للتكنولوجيا و اشتراط الكيماويات الدوائية من الشركة المانحة للترخيص و المغالاة في ثمنها بما يعني أن تطور هذه الصناعة سيبقى مشروطاً إلى حد كبير بالحدود المفروضة على نقل التكنولوجيا
الآثار الإيجابية على صناعة الدواء
و تتمثل أهم هذه الآثار في خفض القيود على استيراد الأدوية المصرية للدول العربية و الأوربية حيث تصدر مصر الأدوية تامة الصنع إلى بعض الدول العربية (سوريا دول الخليج السعودية السودان ليبيا ) وبعض الدول الأفريقية و رومانيا أما الخامات و الخلاصات فتصدر لبعض الدول الأوربية فيمكن لصناعة الدواء في مصر أن تستفيد من تحسين ظروف النفاد إلى أسواق البلاد الصناعية بالاستفادة من تخفيض التعريفات الجمركية التي تطبقها البلدان الصناعية علة السلع الصناعية
و من ناحية أخرى فقد أسفرت جولة أوروجواي عن التوصل لاتفاق لمكافحة الإغراق تضمن تفسيراً لأحكام اتفاق طوكيو لمكافحة الإغراق من حيث تحديد المنتج المؤدي لإغراق الأسواق و معايير تحديد الصرر الذي يسببه و كذلك سياسات الدعم و يمكن أن تستفيد صناعة الدواء المصرية من هذه الإجراءات لحمايتها من الإغراق
الآثار السلبية لاتفاقية الجات
لإضافة لما سبق ذره عن أثر اتفاقية الملكية الفكرية لبراءات الاختراع و المعرفة الفنية على التجديد التكنولوجي في صناعة الدواء فإن فتح الباب أمام الاستيراد يؤدي إلى انهمار الأدوية الأجنبية على السوق المصرية بما يتضاءل معه أثر نمو الصادرات و هو ما حدث منذ عام 1991 فبعد إلغاء القرار 505 القاضي بحظر استيراد الكيماويات الدوائية عن غير طريق الشركة العامة للأدوية تم إغراق السوق المحلي بمنتجات مثيلة من الخامات الدوائية و المضادات الحيوية من الهند و الصين بأسعار رخيصة بما أدى لتكدس المنتجات المحلية التي بلغت قيمته 50 مليون جنيه في شركة الجمهورية للأدوية وخسارة 16.5 مليون جنيه بالإضافة إلى تقلص حجم الإنتاج بنسبة 40 % و توقف إنتاج 70 % من خطوط إنتاج شركة النصر للأدوية كما توقف بنك الاستثمار القومي عن تمويل استثمارات الشركة
و يتضح مما سبق ضرورة دراسة الاتفاقية بجوانبها السلبية و الإيجابية لتطوير استراتيجية متكاملة للتعيش مع الاتفاقية و الاستفادة من الاستثناءات و المساعدات الفنية التي تتيحها الاتفاقية و التنسيق مع الدول العربية للتعاون في مجالات صناعة الدواء و دفع اتحاد منتجي الدواء العربي خاصة في ظل خبرة عربية سابقة ناجحة للتعاون متمثلة في الشركة العربية للمنتجات الدوائية أكديما
حجم الانتاج المحلي
(بالمليون عبوة )
العام المرجعي حجم الانتاج
بداية الخمسينات 1950 23
بداية الستينات 1960 134
بداية السبعينات 1970/1971 380
بداية الثمانينات 1980 /1981 587.2
بداية التسعينات 1990/1991 860
1993/1994 1046
حجم الأسواق الخارجية
العام المرجعي قيمة التصدير
(بالمليون جنيه )
بداية الستينات 1960 117,
بداية السبعينات 1970/1971 1.1
بداية الثمانينات 1980 /1981 3.5
بداية التسعينات 1990/1991 43.5
1993/1994 93
حجم اأسواق الدوائية
العام المرجعي قيمة الاستهلاك السنوي
(المليون جنيه )
بداية الستينات 1960 14
بداية السبعينات 1970/1971 55
بداية الثمانينات 1980 /1981 293
بداية التسعينات 1990/1991 1776
1993/1994 2770
خاتمة
حاولت السطور السابقة استطلاع دور الشركات منعددو الجنسية في نقل التكنولوجيا في قطاع الدواء و يمكن في ضوء ذلك استنتاج 3 نتائج هامة:ـ
أن الشركات متعددة الجنسية تستخدم التكنولوجيا كسلاح في مواجهة الدول النامية للسيطرة على اقتصادياتها و إذا لجأت لنقل التكنولوجيا فإنها تستخدم هذا النقل لتعزيز سيطرتها على أسواق هذه الدول و تعمل في نفس الوقت على إبقاء هذه التكنولوجيا تحت سيطرتها في القطاعات المنقولة إليها فلا يمتد تأثيرها إلى مجمل النسق الإنتاجي المحلي مستغلة ما تتمتع به من مركز احتكاري في هذا المجال لتفرض العديد من الشروط المقيدة على التكنولوجيا المنقولة تضمن بقاء التكنولوجيا المنقولة ضمن حدود نوعية معينة لا تتعداها
ـ ومن ثم فلا مناص من تطوير القدرات التكنولوجية المحلية فلا يعقل أن يستمر الإنفاق على البحث و التطوير لا يتجاوز 1% من إجمالي الناتج القومي ففي غياب نسق تكنولوجي على قدر من التطور على الأقل لبناء نظام معلومات تكنولوجي لا يمكن الحديث عن نقل حقيقي للتكنولوجيا أو اختيار تكنولوجيا ملائمة فالنقل الحقيقي للتكنولوجيا هو تطويع التكنولوجيا لمقتضيات هيكل الإنتاج المحلي
ـ أن دور هذه الشركات في نقل التكنولوجيا نتاج تفاعل سياسات هذه الشركات من ناحية وسياسة الدولة المضيفة من ناحية أخرى ففي ظل غياب سياسة تكنولوجية شاملة بأولويات واضحة يصبح مركز الدولة التفاوضي ـ من خلال الشركات المحلية ـ ضعيفاً بما ينعكس على عملية نقل التكنولوجيا في شكل شروط مقيدة تجعل التكنولوجيا المنقولة تكريساً لتبعية القطاع الإنتاجي المحلي الخارج
و في ظل التطورات التي فرضتها اتفاقية الجات يصبح من الضروري الدراسة المستفيضة لهذه الاتفاقية والتفاوض مع منظمة التجارة العالمية للاستفادة من الاستثناءات و المزايا المتاحة و العمل في نفس الوقت العمل على تبني استراتيجية عربية لنقل التكنولوجيا بحيث يمكن التفاوض بشكل جماعي مع الشركات متعددة الجنسية
0 Comments:
Post a Comment
<< Home