بصائر المعرفة

مدونة تهتم بقضايا العمران الإنساني تفضل بزيارة مدونتي الأخرى umranyat.blogspot.com

Sunday, September 19, 2010

موضوعية هيئة الإذاعة البريطانية

تقتح وعيي على سماع البي بي سي فكان سماع نشرة السادسة أحد التقاليد التي كانت تحافظ عليها أمي حفظها الله و أحسن ختامها وعندها أن الخبر لا يكون أكيدا إلا إذا سمعته من البي بي سي لكن تدريجيا استلفت انتباهي المفردات التي تستخدمها الإذاعة البريطانية وما تحمله من إيحاءات متحيزة وبدت كأن هناك شفرة للبي بي سي فبدأت التعود على هذه المفردات بدلالاتها الخاصة لي مثلا عندما تقول البي بي سي متطرفين إسلاميين أو متشددين إسلاميين أفهم انها تقصد الجماعات الإسلامية وعندما تقول لبرليون أفهم أن المقصود لا دينيين ثم ما لبثت أن لاحظت أن سماع البي بي سي يعيد تشكيل اهتمامات المستمع وطريقة تفكيره بطريقة كاذبة فهي تنتقي أخبارها وتبالغ في الاهتمام بأخبار وقضايا معينة فتقول نصف الحقيقة وقائل نصف الحقيقة يكذب ومع الطفرة التي شهدتها وسائل الإعلام وظهور البرامج الحوارية والبرامج التي تقوم على الحوار بين المستمعين وجدت أن الحوار يجري توجيهه في قضايا معينة اختيرات بعناية لتقول للعربي إنك متخلف ومجتمعك مجتمع جاهل والتخلف قدرك وأن عليك أن تخجل من تقاليدك وتفكيرك خاصة وأن من يتم اختيارهم للتعبير عن هذه التقاليد من المستمعين يظهرون بمظهر المتعصبين الذين يقولون كلاما لا معنى له أليس من الغريب أن تكون الأولية لدى الب بي سي لا الاستبداد و لا الأمية ولا استدامة القهر الأوربي الأمريكي للنظم الاستبدادية و لا فساد وإفساد المعونات و لا الاستغلال في المظام المالي العالمي بل التحرش الجنسي و العنف ضد المراة وديوانيات السيدات في الخليج (مع أهمية هذه القضايا لكني أرها أعراضا لمرض مستفحل )

أكتب هذه السطور بعد أن شاهدت فلما وثائقيا عن استشهاد المبحوح رأيت فيه مثالا نموذجيا على موضوعية وحياد البي بي سي فقد التقى الفلم أسرة المبحوح و أسرة الجندي الصهيوني القتيل وأجزاء من مقابلات مع المبحوح وكذا صورا للجندي الإسرائيلي القتيل لكن الفلم استخدم أسوأ اساليب اغتيال الشخصية التي يعرفها محللو الخطاب وهو نزع الإنسانية عن الشخص حيث يجري الكلام عنه لا كإنسان له قيمه وأهدافه واهتماماته ويمارس حياته الإنسانية بل كشئ بلا ملامح تسهل كراهيته ويصعب التعاطف معه فظهر المبحوح ملثما والكلام عنه فقط كجالب أسلحة لحماس وحتى عندما سئلت أسرته سئلت عمن يكون وراء مصرعه واختفى المبحوح الإنسان الذي عاش لرفع المعاناة والظلم لا عن أهله ووطنه ومقدساته وحسب بل كان في الخط الأول لمواجهة العدوان والقهر الذي يمارسه البغي الغربي على الإنسانية أما المرتزق الصهيوني فظهرت صوره وهو يمارس الرياضة كأنه شاب وديع كان في فلسطين للسياحة وكأنه لم يكن كلبا عقورا قتل في أحد نقاط الارتكاز لقتل المدنيين في لبنان فهذه موضوعية البي ي سي أضف لذلك إهمال الفلم لسياق الموضوع كله من شعب مشرد وحق منتهك ووطن سليب وكأن المسألة صراع بين منظمة حماس ودولة شرعية تحمي نفسها الحياد بين القاتل والمقتول هو أيضا نوع من القتل بأعصاب باردة وهذا هو حياد البي بي سي وهذه هي موضوعيتها.