" رؤية العالم " قراءة في سيرة المفهوم
يعد مفهوم "رؤية العالم" أحد المفاهيم الأساسية التي شاع استخدامها في البحوث والدراسات الأنثروبولوجية الثقافية في الولايات المتحدة الأمريكية في الخمسينيات من هذا القرن،إلا إن المفهوم عاد وأوي إلي الظل من جديد خلال عقدي الستينيات والسبعينيات،وهجره العلماء ليعودوا إليه من جديد يستعينون به في تحليل المواد الاثنوجرافية المتعلقة بوجه خاص بالدين والسحر وعالم الأرواح وتصور الكون لدي الجماعات المختلفة - في منحي استعماري- بهدف السيطرة علي مقدرات وثروات المجتمعات والشعوب التي وقفت في مرحلة متأخرة من التقدم العلمي والصناعي.
-ومصطلح رؤية العالم " هو ترجمة للمصطلح الألماني Weltanschauung ويقوم المفهوم في أساسه علي دراسة مجموعة الأفكار التي يعتنقها أحد أفراد المجتمع عن ذاته هو وعن الآخرين وعن العالم الذي يعيش فيه مما يعني تحديد هذه الأفكار داخل الثقافة ذاتها وليس من خارجها كما هو الشأن في الدراسات الاثنوجرافية والأنثروبولوجية التقليدية.
والعادة أن يشار إلي ذلك الفرد في دراسات رؤى العالم بكلمة " الشخص" أو الذات self وعلي ذلك فإن استخدام المفهوم يقتضي إبراز الذات في مواجهة الكون بأسره وبكل مشتملاته ومكوناته .وبتعبير آخر أبسط فإن مفهوم " رؤية العالم " هي الطريقة التي ينظر بها شخص ما أو شعب ما الي الكون ككل والتي يرون من خلالها هذا الكون .
*ومن هنا كانت بحوث رؤى العالم تدور في معظمها حول محورين أساسيين هما :-
المحور الأول : هو ادراك الذات ( self) لذاتهابكل مقوماتها الفيزيقية والذهنية والعاطفية والانفعالية،وعلاقتها بالآخرين من أعضاء الجماعة التي ينتمي إليها الشخص أو الذات وتحديد أوجه الشبه والإختلاف بينه وبين الآخرين من ناحية، وبين الآخرين بعضهم البعض من ناحية أخري، وأسباب هذه التشابهات أو الإختلافات من وجهة نظره هو ( وليس من وجهة نظر الباحث).
المحور الثاني : هو نظرة الشخص أو الذات موضوع الدراسة إلي نفسه من حيث هو جزء من الطبيعة مع إحساسه في الوقت نفسه بأنه يؤلف كيانا متميزا وقائما بذاته وخارجا عن هذه الطبيعة، وإن كان ذلك لا يمنع أن تكون له اهتمامات معينة وأفكار وآراء خاصة عنها وعن مظاهرها ومكوناتها ، وأساليب محددة للتعبير عن هذه الآراء والأفكار والتصورات وتفسيرات لهذه المظاهر والظواهر الطبيعية والكونية قد تتفق مع الحقائق العلمية أو تختلف عنها اختلافا جذريا.
وإلي جانب هذين المحورين الأساسيين تتطرق دراسات وبحوث " رؤي العالم " إلي العديد من الميادين والجوانب المكملة مثل إدراك الذات للكائنات والموجودات غير البشرية من نبات وحيوان وجماد والعلاقات القائمة بينها بعضها وبعض وبينها وبين الذات أو الشخص بما في ذلك الكائنات غير المحسوسة وغير المرئية والقوي الخفية وما إليها ، كما تتطرق دراسات رؤى العالم أيضا إلي عنصري الزمان والمكان في حياة الشخص أو الناس وذلك علي اعتبار أن الكون كله له امتداد فيزيقي أو مكاني وامتداد زماني معين تختلف آراء الناس فيه.
*والأساس الذي يقوم عليه مفهوم " رؤى العالم " في الفكر الألماني هو التمييز الذي يقيمه الفيلسوف الإجتماعي الألماني فيلهلم ديلتاى Wilhelm dilthey وغيره من المفكرين الألمان بين نوعين من ( العلم ) وهما : العلم بالمعني الدقيق للكلمة والذى يبحث عن القوانين ونعني بذلك العلم الطبيعي ، العلم الذي يهتم بما هو فردي ويتبع منهجا وصفيا خالصا ونعني بذلك العلم الإنساني. ويرجع هذا التمييز إلي اهتمام ديلتاي في المحل الأول بالعمليات الذهنية وبالفكر المجرد وهو ما يندرج تحت مقولة العلم الإنساني الذي يضم العلوم الاجتماعية والتاريخية .
*وقد انتقل مفهوم "رؤية العالم " من ديلتاي الي علماء الأنثروبولوجيا الأمريكيين في آواخر القرن التاسع عشر ، ومنذ ذلك الحين إرتبطت دراسات رؤى العالم إرتباطا قويا بالأنثروبولوجيا الأمريكية بينما إرتبط مفهوم البناء الإجتماعي والوظيفية الإجتماعية بالأنثروبولوجيا البريطانية مع وجود استثناءات علي كلا الجانبين . .
*دراسات رؤى العالم إذن تنتمي إلي مجال العلم الإنساني أو الدراسات الإنسانية وليس إلي مجال العلم الطبيعي سواء في النظرية أو المنهج أو أسلوب التفسير والتحليل كما أنها لا تهدف الى الوصول الى تعميمات كليه تكون لها صفة القانون العلمي مثلما تحاول الأنثروبولوجيا البنائية الوظيفة لدي بعض علمائها علي الأقل ، وإنما تهتم دراسات رؤى العالم بدلا من ذلك بمحاولة ( الفهم) العميق لطبائع الأشياء أو داخلها . فالعلم بالمعني الدقيق للكلمة – أي العلم الطبيعي – يدرس ظواهر الأشياء دون أن يهتم بداخلها إذ ليس للأشياء طبيعة( داخل ) أو ( باطن ) وذلك بعكس الحال بالنسبة للإنسان الذي هو موضوع العلم الإنساني بالمعني السابق ذكره والذي هو أيضا موضوع دراسات رؤى العالم الذي يمكن تطبيق مفهوم " رؤى العالم " عليه . ولذا فإن مفهوم " رؤى العالم " أو النظرة إلي العالم " يتعارض مع إمكان تطبيق المنهج العلمي الذي لا يصلح للظواهر والأحداث والأفكار الإنسانية أو التاريخية . فالعلم الطبيعي لا يفعل سوي أن يشرح الظواهر والأحداث عن طريق ربطها بغيرها من الظواهر التي تتلاءم مع القوانين العامة التي لا تكشف لنا عن ( الطبيعة الداخلية) لتلك الأشياء أو الظواهر التي يهتم بدراستها .
* مفهوم "رؤى العالم" أو النظرة ألي العالم " مفهوم أنثروبولوجى أصيل،وكل الدراسات حول رؤى العالم في أي مجتمع من المجتمعات التى درست من هذا المنطلق هي دراسات أنثروبولوجية تعتمد على مناهج البحث الأنثروبولوجيى وأساليبه وتقاليده التي تطلب الإقامة الطويلة في المجتمع موضوع الدراسة ،والاتصال الوثيق القائم على خلق علاقات حميمة Rapport مع الشخص أو الأشخاص الذين يركز الباحث عليهم بقصد الوصول في آخر الأمر إلي أنماط التفكير و القيم السائدة بين الناس فى ذلك المجتمع
* بالرغم من أن ديلتاى Dilthey قد صاغ مصطلح Weltanschanng الذى يعنى "رؤية العالم" World View الا أن الفضل فى ترشيح وتوضيح ذلك المصطلح أو التصور و نشره و تقديم تصورات أخرى مماثلة يرجع العلماء الاجتماع و الانثروبولوجيا أمثال ماكس فيبر Maxwe
ولقد نجم عن التوسع في استخدام مفهوم " رؤية العالم أن ظهرت مصطلحات أخرى تتداخل معانيها ذلك المفهوم أو تستخدم نفس المعنى ، ومن هذه المصطلحات "نظرة أو رؤية . Vision وصورة Image وتوجيه معرفي Cognitiveorientation، ورؤية معرفية Cognitiveview ومنظور رؤية العالم World view Perspective ، ومبادئ متضمنة Implicit premises ، وافتراضات أساسية Basic Assumptions وروح الثقافة Ethos وخرائط معرفية Cogntivie Maps ونحو ذلك.
ونقد الدراسة التحليلية التي قام بها ماكس فيبر لرؤى العالم عند أصحاب المذهب البروتستانتي دراسة رائدة في العلوم الاجتماعية . يرى فيبر أن رؤى العالم كان لها تأثير عميق ي تأسيس مبادئ أصحاب المذهب البروتستانتي في أوربا في القرنين السادس عشر والسابق عشر . ورؤى العالم لدى أصحاب المذهب البروتستانتي والتابعين للمبادئ الكلفينية Calvinism تفسر الأمور الدنيوية من خلال مضمون ديني، وهي تفسر الكون أو الالم ككل طبقاً للأطر والمبادئ التالية:
1-أن الكون قد لقه إله متسام متعال
2-أن الكون له معنى فقط من خلال علاقته بإرادة الله.
3-النظرة للإنسان على أنه أداة أو وسيلة تتأسس بها إرادة الله على الأرض.
4--الناس لديهم قابلية لارتكاب المعاصي طالما هم منغمسون في الملذات الحسية الدنيوية
5-الإيمان بالقضاء والقدر واعتبار الخلاص منحة وعطاء من الله .
كما يرى فيبر أن سعي الفرد نحو الخلاص يعتمد بشكل أساسي على رؤيته للكون أو صورة العالم التي لديه ، فالخلاص يكون له معنى فقط عندما يعبر عن صورة متعلقة ومتسقة عن العالم " وعندا يمثل " وقفة في مواجهة العالم".
يرجع الفضل لروبرت ردفيلد Ropert Redfield في بلورة تصور أو مفهوم "رؤية العالم" وتحديد معناه وخصائصه ، وهو يضع الإطار النظري العام لمكونات أو عناصر رؤى العالم وهي :
1-الذات self وهي تعتبر محور رؤى العالم التي من خلالها يمكن ملاحظة العالم أو الكون .
2-غير الذات ويشمل هذا العنصر
أ-سائر البشر أو الآخرين من الناس
ب-غير البشر ، ويشمل ذلك الطبيعة والله .
3-المكان
4-الزمان
يعتبر كليفورد جيرنر Clifford Geer. من علماء الأنثروبولوجيا الرمزية الذين أسهموا إسهاماً كبيراً سواء من خلال دراساتها أو من خلال تلاميذهم في تأصيل وتدعيم تصور "رؤية العالم" . يميز جيرتز بين تصور "رؤية العالم " ومفهوم "روح الثقافة Ethos" فالمفهم الأول يرتبط بالجوانب العرفية والوجودية ، بينما المفهوم الثاني –روح الثقافة- يرتبط بالمكونات الأخلاقية والتقيمية والجمالية .
واهتم جيرتز بدراسة التغيرات التاريخية التي تطرأ على رؤى العالم في المجتمعات الإنسانية واختص بالدراسة مجتمعين إسلاميين تعرضت رؤى العالم فيها لنوع من التغير .
وذهب جيرتز إلى أن رؤى العالم التقليدية في كل من أندونيسيا والمغرب قد تحولت وتغيرت نتيجة للاحتكاك الثقافي والاتصال بالحضارة الغربية ، وتقدم العالم أو رؤى العالم القائمة على التفسير العلمي، لقد تغيرت رؤى كالعالم في هذين المجتمعين وتحولت من الاعتقاد والإيمان بالوحي والإلهام والممارسات غير الواعية للمعتقدات والشعائر الدينية إلى الاتجاه نحو الاختيار والفحص والتقييم الفكري النقدي لتلك المعتقدات والممارسات ، والنظر في أهميتها في حياة الناس.
كما أجريت دراسات عدة لسلوك المجتمعات متعددة ومتفاوتة المستويات الاقتصادية والعلمية والتقنية تستهدف البحث في تأثير رؤيتها للعالم على سلوكها وأفعاله ، ولازال المفهوم يمثل زخماً حقيقياً للعديد من الدراسات والبحوث التي يمكن إجراءها حول معاني المستقبل
-ومصطلح رؤية العالم " هو ترجمة للمصطلح الألماني Weltanschauung ويقوم المفهوم في أساسه علي دراسة مجموعة الأفكار التي يعتنقها أحد أفراد المجتمع عن ذاته هو وعن الآخرين وعن العالم الذي يعيش فيه مما يعني تحديد هذه الأفكار داخل الثقافة ذاتها وليس من خارجها كما هو الشأن في الدراسات الاثنوجرافية والأنثروبولوجية التقليدية.
والعادة أن يشار إلي ذلك الفرد في دراسات رؤى العالم بكلمة " الشخص" أو الذات self وعلي ذلك فإن استخدام المفهوم يقتضي إبراز الذات في مواجهة الكون بأسره وبكل مشتملاته ومكوناته .وبتعبير آخر أبسط فإن مفهوم " رؤية العالم " هي الطريقة التي ينظر بها شخص ما أو شعب ما الي الكون ككل والتي يرون من خلالها هذا الكون .
*ومن هنا كانت بحوث رؤى العالم تدور في معظمها حول محورين أساسيين هما :-
المحور الأول : هو ادراك الذات ( self) لذاتهابكل مقوماتها الفيزيقية والذهنية والعاطفية والانفعالية،وعلاقتها بالآخرين من أعضاء الجماعة التي ينتمي إليها الشخص أو الذات وتحديد أوجه الشبه والإختلاف بينه وبين الآخرين من ناحية، وبين الآخرين بعضهم البعض من ناحية أخري، وأسباب هذه التشابهات أو الإختلافات من وجهة نظره هو ( وليس من وجهة نظر الباحث).
المحور الثاني : هو نظرة الشخص أو الذات موضوع الدراسة إلي نفسه من حيث هو جزء من الطبيعة مع إحساسه في الوقت نفسه بأنه يؤلف كيانا متميزا وقائما بذاته وخارجا عن هذه الطبيعة، وإن كان ذلك لا يمنع أن تكون له اهتمامات معينة وأفكار وآراء خاصة عنها وعن مظاهرها ومكوناتها ، وأساليب محددة للتعبير عن هذه الآراء والأفكار والتصورات وتفسيرات لهذه المظاهر والظواهر الطبيعية والكونية قد تتفق مع الحقائق العلمية أو تختلف عنها اختلافا جذريا.
وإلي جانب هذين المحورين الأساسيين تتطرق دراسات وبحوث " رؤي العالم " إلي العديد من الميادين والجوانب المكملة مثل إدراك الذات للكائنات والموجودات غير البشرية من نبات وحيوان وجماد والعلاقات القائمة بينها بعضها وبعض وبينها وبين الذات أو الشخص بما في ذلك الكائنات غير المحسوسة وغير المرئية والقوي الخفية وما إليها ، كما تتطرق دراسات رؤى العالم أيضا إلي عنصري الزمان والمكان في حياة الشخص أو الناس وذلك علي اعتبار أن الكون كله له امتداد فيزيقي أو مكاني وامتداد زماني معين تختلف آراء الناس فيه.
*والأساس الذي يقوم عليه مفهوم " رؤى العالم " في الفكر الألماني هو التمييز الذي يقيمه الفيلسوف الإجتماعي الألماني فيلهلم ديلتاى Wilhelm dilthey وغيره من المفكرين الألمان بين نوعين من ( العلم ) وهما : العلم بالمعني الدقيق للكلمة والذى يبحث عن القوانين ونعني بذلك العلم الطبيعي ، العلم الذي يهتم بما هو فردي ويتبع منهجا وصفيا خالصا ونعني بذلك العلم الإنساني. ويرجع هذا التمييز إلي اهتمام ديلتاي في المحل الأول بالعمليات الذهنية وبالفكر المجرد وهو ما يندرج تحت مقولة العلم الإنساني الذي يضم العلوم الاجتماعية والتاريخية .
*وقد انتقل مفهوم "رؤية العالم " من ديلتاي الي علماء الأنثروبولوجيا الأمريكيين في آواخر القرن التاسع عشر ، ومنذ ذلك الحين إرتبطت دراسات رؤى العالم إرتباطا قويا بالأنثروبولوجيا الأمريكية بينما إرتبط مفهوم البناء الإجتماعي والوظيفية الإجتماعية بالأنثروبولوجيا البريطانية مع وجود استثناءات علي كلا الجانبين . .
*دراسات رؤى العالم إذن تنتمي إلي مجال العلم الإنساني أو الدراسات الإنسانية وليس إلي مجال العلم الطبيعي سواء في النظرية أو المنهج أو أسلوب التفسير والتحليل كما أنها لا تهدف الى الوصول الى تعميمات كليه تكون لها صفة القانون العلمي مثلما تحاول الأنثروبولوجيا البنائية الوظيفة لدي بعض علمائها علي الأقل ، وإنما تهتم دراسات رؤى العالم بدلا من ذلك بمحاولة ( الفهم) العميق لطبائع الأشياء أو داخلها . فالعلم بالمعني الدقيق للكلمة – أي العلم الطبيعي – يدرس ظواهر الأشياء دون أن يهتم بداخلها إذ ليس للأشياء طبيعة( داخل ) أو ( باطن ) وذلك بعكس الحال بالنسبة للإنسان الذي هو موضوع العلم الإنساني بالمعني السابق ذكره والذي هو أيضا موضوع دراسات رؤى العالم الذي يمكن تطبيق مفهوم " رؤى العالم " عليه . ولذا فإن مفهوم " رؤى العالم " أو النظرة إلي العالم " يتعارض مع إمكان تطبيق المنهج العلمي الذي لا يصلح للظواهر والأحداث والأفكار الإنسانية أو التاريخية . فالعلم الطبيعي لا يفعل سوي أن يشرح الظواهر والأحداث عن طريق ربطها بغيرها من الظواهر التي تتلاءم مع القوانين العامة التي لا تكشف لنا عن ( الطبيعة الداخلية) لتلك الأشياء أو الظواهر التي يهتم بدراستها .
* مفهوم "رؤى العالم" أو النظرة ألي العالم " مفهوم أنثروبولوجى أصيل،وكل الدراسات حول رؤى العالم في أي مجتمع من المجتمعات التى درست من هذا المنطلق هي دراسات أنثروبولوجية تعتمد على مناهج البحث الأنثروبولوجيى وأساليبه وتقاليده التي تطلب الإقامة الطويلة في المجتمع موضوع الدراسة ،والاتصال الوثيق القائم على خلق علاقات حميمة Rapport مع الشخص أو الأشخاص الذين يركز الباحث عليهم بقصد الوصول في آخر الأمر إلي أنماط التفكير و القيم السائدة بين الناس فى ذلك المجتمع
* بالرغم من أن ديلتاى Dilthey قد صاغ مصطلح Weltanschanng الذى يعنى "رؤية العالم" World View الا أن الفضل فى ترشيح وتوضيح ذلك المصطلح أو التصور و نشره و تقديم تصورات أخرى مماثلة يرجع العلماء الاجتماع و الانثروبولوجيا أمثال ماكس فيبر Maxwe
ولقد نجم عن التوسع في استخدام مفهوم " رؤية العالم أن ظهرت مصطلحات أخرى تتداخل معانيها ذلك المفهوم أو تستخدم نفس المعنى ، ومن هذه المصطلحات "نظرة أو رؤية . Vision وصورة Image وتوجيه معرفي Cognitiveorientation، ورؤية معرفية Cognitiveview ومنظور رؤية العالم World view Perspective ، ومبادئ متضمنة Implicit premises ، وافتراضات أساسية Basic Assumptions وروح الثقافة Ethos وخرائط معرفية Cogntivie Maps ونحو ذلك.
ونقد الدراسة التحليلية التي قام بها ماكس فيبر لرؤى العالم عند أصحاب المذهب البروتستانتي دراسة رائدة في العلوم الاجتماعية . يرى فيبر أن رؤى العالم كان لها تأثير عميق ي تأسيس مبادئ أصحاب المذهب البروتستانتي في أوربا في القرنين السادس عشر والسابق عشر . ورؤى العالم لدى أصحاب المذهب البروتستانتي والتابعين للمبادئ الكلفينية Calvinism تفسر الأمور الدنيوية من خلال مضمون ديني، وهي تفسر الكون أو الالم ككل طبقاً للأطر والمبادئ التالية:
1-أن الكون قد لقه إله متسام متعال
2-أن الكون له معنى فقط من خلال علاقته بإرادة الله.
3-النظرة للإنسان على أنه أداة أو وسيلة تتأسس بها إرادة الله على الأرض.
4--الناس لديهم قابلية لارتكاب المعاصي طالما هم منغمسون في الملذات الحسية الدنيوية
5-الإيمان بالقضاء والقدر واعتبار الخلاص منحة وعطاء من الله .
كما يرى فيبر أن سعي الفرد نحو الخلاص يعتمد بشكل أساسي على رؤيته للكون أو صورة العالم التي لديه ، فالخلاص يكون له معنى فقط عندما يعبر عن صورة متعلقة ومتسقة عن العالم " وعندا يمثل " وقفة في مواجهة العالم".
يرجع الفضل لروبرت ردفيلد Ropert Redfield في بلورة تصور أو مفهوم "رؤية العالم" وتحديد معناه وخصائصه ، وهو يضع الإطار النظري العام لمكونات أو عناصر رؤى العالم وهي :
1-الذات self وهي تعتبر محور رؤى العالم التي من خلالها يمكن ملاحظة العالم أو الكون .
2-غير الذات ويشمل هذا العنصر
أ-سائر البشر أو الآخرين من الناس
ب-غير البشر ، ويشمل ذلك الطبيعة والله .
3-المكان
4-الزمان
يعتبر كليفورد جيرنر Clifford Geer. من علماء الأنثروبولوجيا الرمزية الذين أسهموا إسهاماً كبيراً سواء من خلال دراساتها أو من خلال تلاميذهم في تأصيل وتدعيم تصور "رؤية العالم" . يميز جيرتز بين تصور "رؤية العالم " ومفهوم "روح الثقافة Ethos" فالمفهم الأول يرتبط بالجوانب العرفية والوجودية ، بينما المفهوم الثاني –روح الثقافة- يرتبط بالمكونات الأخلاقية والتقيمية والجمالية .
واهتم جيرتز بدراسة التغيرات التاريخية التي تطرأ على رؤى العالم في المجتمعات الإنسانية واختص بالدراسة مجتمعين إسلاميين تعرضت رؤى العالم فيها لنوع من التغير .
وذهب جيرتز إلى أن رؤى العالم التقليدية في كل من أندونيسيا والمغرب قد تحولت وتغيرت نتيجة للاحتكاك الثقافي والاتصال بالحضارة الغربية ، وتقدم العالم أو رؤى العالم القائمة على التفسير العلمي، لقد تغيرت رؤى كالعالم في هذين المجتمعين وتحولت من الاعتقاد والإيمان بالوحي والإلهام والممارسات غير الواعية للمعتقدات والشعائر الدينية إلى الاتجاه نحو الاختيار والفحص والتقييم الفكري النقدي لتلك المعتقدات والممارسات ، والنظر في أهميتها في حياة الناس.
كما أجريت دراسات عدة لسلوك المجتمعات متعددة ومتفاوتة المستويات الاقتصادية والعلمية والتقنية تستهدف البحث في تأثير رؤيتها للعالم على سلوكها وأفعاله ، ولازال المفهوم يمثل زخماً حقيقياً للعديد من الدراسات والبحوث التي يمكن إجراءها حول معاني المستقبل
0 Comments:
Post a Comment
<< Home