هذه المدونة
لم يزل الفكر العربي الإسلامي مسكوناً بهم السقوط والنهوض الحضاري الذي عبرت عنه صياغات عديدة أشهرها التساؤل الذي ذاع منذ عصر النهضة "لماذا تخلف المسلمون وتقدم غيرهم"؟ ، وتباينت الاجتهادات المطروحة للإجابة على هذا السؤال وإقامة أسس نهضة جديدة بدءاً من الاجتهادات الأولى للكواكبي – خاصة في كتابه أم القرى – والأفغاني ورشيد رضا إلى الاجتهادات المعاصرة لعلى شريعتي وفاضل رسول ومحمد عمارة وطارق البشرى وغيرهم وعلى الرغم من ان هذه الاجتهادات ترى الأزمة الحضارية الحالية متعددة الجوانب ومن ثم متعددة الأسباب ، إلا أن القاسم المشترك بينها أنها ترى هذه الأزمة هي بالأساس أزمة في مناهج التفكير ، وتخلف العقل المسلم عن تطوير طرائق جديدة للتعامل مع الواقع والاستجابة المبدعة للتحديات المعاصرة.ومن ثم تواترت الجهود لتنشيط الاهتمام بمناهج الفكر والأطر المعرفية القائمة ونقدها وطرح النماذج المعرفية البديلة واستكشاف إمكانيات تفعيلها في الحقول العلمية المختلفة من خلال جملة من الأنشطة التي تتراوح بين الندوات العامة وحلقات النقاش إلى المشاريع البحثية الممتدة وفي هذا السياق تأتي هذه المدونة محاولة للحوار والتعلم فهي جهد المقل.لقد كان التوحيد هو المبدأ العقدي الذي رفع العقل الإنساني من وهدة الخرافة ، وحرره من أسر تسلط السلطة، سواء كانت سلطة التقليد أو سلطة الحكم أو سلطة الميول والأهواء ومن هنا كان تفعيل عقيدة التوحيد التي تشكل رؤيتنا للعالم في حياة المسلم هو الهم الأكبر لهذه المدونة وذلك من خلال مناقشة الأبعاد الوجودية والمعرفية و القيم العليا (أكسيولوجي) لرؤية العالم الإسلامية تجديداً للذت وإرساءاً لأسس الحوار مع الآخر المختلف حضاريا ً لاستكشاف رؤية إنسانية شاملة تقوم على المشترك الإنساني العام وتستعيد للإنسان إنسانيته بعيداً عن تفتيته واختزاله في أحد أبعاده (الإنسان المستهلك/ الإنسان الاقتصادي أو الاجتماعي).وإذا كانت العلوم الإنسانية تمثل واحدة من أهم محاولات الإنسان لفهم وجوده وذاتيته وروح العصر فإن هذه المدونة تسعى لاستكشاف الإمكانات التي يتيحها المنظور التوحيدي لدفع تقدم هذه العلوم بعيداًعن الاستقطاب والثنائيات العلمانية /الدينية ، المادية / المثالية التي أثرت على تطور هذا العلوم ويبقى اهتمام هذه المدونة هو إثارة النقاش وطرح الأسئلة لا تقديم الإجابات لتحفيز العقل العربي المسلم على الاجتهاد لتجاوز حالة الركود السائد على أمل بدء حوار جاد بين قرائها والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل