تداعيات الاحتلال الأمريكي للعراق على أمن الخليج العربي
تداعيات الاحتلال الأمريكي للعراق على أمن الخليج العربي
مقدمة
تعد منطقة الخليج العربي احد أهم المناطق الحيوية فى العالم ، حيث تربط بين قارات العالم الثلاث ( آسيا وأفريقيا وأوربا) . فضلاً عن أن المنطقة تشرف على أهم ثلاث اذرع مائية وهي البحر الأحمر والبحر المتوسط والخليج العربي ، وبالتالي تتحكم منطقة الخليج فى طرق المواصلات البحرية والبرية والجوية وحركة التجارة والنقل والترانزيت () .
ويعد الخليج العربي مدخل الوطن العربي لآسيا ، وتبلغ مساحته 237000 كيلو متر مربع وبه أكثر من مائتي جزيرة ويبلغ طوله نحو 1000 كيلو متر ويتراوح عرضه ما بين 46 – 350 كيلو متر ، ويعد الخليج العربي امتداداً بحرياً للمحيط الهندي ويقع بين دائرتي عرض 30 و 54 درجة شمالاً وبين خطي الطول 48 و 56 درجة شرقاً ()
تشكل منطقة الخليج أهمية خاصة لعدد من الدول والقوى الإقليمية والدولية الطامحة لممارسة دور محوري على الساحة العالمية، وذلك نظراً لما تمثله المنطقة من مزايا وأسباب جيوسياسية وجيواقتصادية وجيواستراتيجية، لذا اكتسبت قضية أمن واستقرار هذه المنطقة الحيوية اهتمام الدول الكبرى فضلاً عن دول الخليج نفسها.
حيث ظلت منطقة الخليج العربي على امتداد عصور التاريخ - قديمه وحديثه- نقطة احتكاك ساخنة بين مختلف القوي الدولية والإقليمية الطامعة فى السيطرة عليها لتأمين مصالحها الحيوية ، والتحكم فى موقعها الاستراتيجي ، والاستفادة من خصائصها الجيوبولتيكية . فالمنطقة تمثل من الناحية الجغرافية موقعاً حيوياً يتوسط بين المشرق والمغرب ، كما تحتوي على ممرات بحرية ومواقع أرضية مهمة للغاية بالإضافة إلى أهميتها الاقتصادية التي ترجع إلى سيطرتها على حوالي 65% من الإنتاج العالمي للبترول ، و 70% من الإنتاج العالمي للغاز الطبيعي . ونظراً للاعتبارات الجغرافية والاقتصادية السابقة تنافست عدة دول إقليمية مثل : مصر وإيران والعراق ،وكذلك دول خارجية مثل : الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي السابق – للسيطرة أو الهيمنة على شئونه وسياساته وخاصة بعد خروج الاستعمار البريطاني واستقلال دول الخليج وحدوث نوع من الفراغ الأمني فى هذه المنطق الحيوية من العالم ()
وتظهر هذه الأهمية حتى في الصراع على مسمى هذا الخليج هل هة الخليج العربي أم الفارسي لكن المحقق أن الخليج هو خليج عربي بقدر انتماء أغلب الخليج وفي علاقة أمنه بالأمن القومي العربي وبالأخص من زاوية التهديد فأمن منطقة الخليج مرتبط بأمن البحر الأحمروالدول المطلة عليه فمنطقة الخليج تؤلف مع منطقة البحر الأحمركتلة استراتيجية واحدة فإذا كانت الأولى هي منطقة إنتاج النفط فإن المنطقة الأخرى هي منطقة خطوط مواصلاته عبر الخليج ومضيق هرمز وبحر العرب وباب المندب ومن الواضح أن منابع النفط لا يمكن تأمينها إلا بتأمين منطقة خطوط المواصلات.
مفهوم أمن الخليج
وبناءاً على ماسبق يتسم مفهوم أمن الخليج بالتعقد وتعدد مستوياته ودرجاته فهناك مسألة أمن الخليج نفسه كممر مائي دولي ينبغى الحافظ على سلامة المرور فيه سواء السفن التجارية أو الوسائط ووسائل النقل الأفراد فيه، وحمايته من أى تهديد عسكري أو أمني يعرقل قيامه بهذه الوظيفة الحيوية، وهناك أيضا امن شعوب ودول ومقدرات منطقة الخليج والذى يعنى بتحقق الأمن لكل الدول والثروات والشعوب المقيمة فى هذه المنطقة , وطرح فى هذا المفهوم أكثر من تعريف يعبر عن تعدد الرؤى ووجهات النظر تجاه هذه المنطقة الحيوية من العالم، فأمن الخليج من قبل بعض الباحثين قصد به تحقيق الاستقرار والطمأنينة من خلال عدم التعرض للاضطراب أو التنديد الذى يهدد الأوضاع القائمة أو المستقرة سوا من الداخل أو من الخارج.
وهناك تعريف ثان رأي أن أمن الخليج ينصرف إلى مدى قدرة دول الخليج على تأمين وحماية قدراتها وإمكانيتها ومكتسباتها فى كافة المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية فى ظل الظروف والمتغيرات المحلية والاقليمية والدولية، والقدرة على منع أو صد التهديدات الإقليمية والدولية تجاه الدولة، والتغلب على التحديات التى تعوق مسيرة التنمية للدول على اختلاف أنواعها.
إن مفهوم أمن الخليج يفتضي بناء مفهوم محدد مجمع عليه، قدر المستطاع، للأمن نفسه وزهذا بدوره يوجب تبني تعريف واضح للأمن لاقليمي، الذي يمثل جوهر مفهوم أمن الخليج.
لقد سجلت النظرية الليبرالية طوال النصف الأول من التسعينيات تفوقاً على النظرية الواقعية في تفسير العلاقات الدولية وتحديد مفهوم الأمن نتيجة تنامي دور الفاعلين من غير الدول وتزايد أهمية المكونين الاقتصادي والاجتماعي في تحديد ملامح هذا المفهوم، حتى رأى البعض أنهما المكونان الأكثر أهمية سواء على مستوى الفرد، الدولة، النظام الإقليمي أو النظام الدولي. وقد ارتكز مفهوم الأولى على افتراض، قوامه أن ماهية مهددات الأمن تجمع بين الطابع العسكري وغير العسكري، ومن ثم باتت مواجهتها تتطلب عدم الاعتماد كليةً على الأداة العسكرية وضرورة تقليل اللجوء إليها باعتبارها خياراً أقل رشادة، في حين حصر المنطق الواقعي مستويات الأمن في مستوى واحد هو مستوى أمن الدولة الذي لا سبيل لتحقيقه
والحفاظ عليه إلا سبيل إعمال منطق القوة.
ومع أحداث 11 أيلول - سبتمبر 2001 عادت النظرية الواقعية لتثبت مدى قوتها في مواجهة الليبرالية على نحو أفرز
ما يمكن اعتباره منطقاً جديداً، يؤمن بأهمية التهديدات العسكرية للأمن من ناحية، وضرورة مواجهتها بصورة جماعية على المستوى الإقليمي بصفة خاصة من ناحية أخرى. فرغم أن تلك الأحداث قد زادت من أهمية أمن الدولة، إلا أنها زادت أيضا من أهمية الأمن الإقليمي الذي يتم الحفاظ عليه من خلال نظام إقليمي للأمن .
وينصرف هذا المفهوم بدايةً، إلى وجود نظام تتوافر فيه المتغيرات الثلاثة اللازمة لنشأة النظم الإقليمية، والتي تشمل تعدد الوحدات الإقليمية بحيث تفوق الثلاث وحدات، وجود تفاعلات منتظمة اجتماعياً بين تلك الوحدات تكشف عن أنماط ونماذج سلوكية معينة، وانتمائها إلى منطقة جغرافية واحدة مع وجود قدر من التجانس والروابط بينها، دون أن يعني ذلك ضرورة توافر هوية قومية مشتركة بينها، رغم كون ذلك من عناصر قوة النظم الإقليمية .وثانياً، إلى توافر نظام إقليمي للأمن يرتكز على اتفاق تلك الوحدات على الالتزام بمجموعة من المعايير التي يتم الاتفاق عليها لتحكم علاقاتهم البينية الصراعية والتعاونية، فهذا النظام لا يعني إزالة كل الخلافات بين الوحدات السياسية، وإنما تطوير بيئة، تحول دون خروج تلك الخلافات عن نطاق السيطرة، بحيث تأخذ صيغة العلاقات التنافسية ذات النتيجة الصفرية، أي ان إقامة هذا النظام تتطلب توافر مجموعة من الأمور:
منها، إدراك تلك الوحدات ارتفاع تكلفة الصراعات المفتوحة.
ومنها، قبولها فكرة تطور نظام الأمن بطريقة تسمح بتعبيرها عن رؤاها المختلفة بخصوص القضايا محل الاهتمام بطريقة سلمية. فليس من الواقعية تصور تخلي أي منها، عن رؤاها خاصة في المراحل الأولية لإقامة هذا النظام.
ومنها، اتفاقها على مجموعة معايير تضمن في وثيقة، تحدد كيفية ممارسة العلاقات في المنطقة، وبمرور الوقت ستدرك تلك الوحدات أن الحفاظ على تلك المعايير والالتزام بها أكثر تلاؤماً مع مصالحها، مقارنة بما قد تحصل عليه من مكاسب حال اتخاذها خطوات أحادية الجانب تخالف تلك المعايير :أن يكون النظام شاملاً، بحيث لا يستبعد بصورة تعسفية ونهائية، أي فاعل يرغب في الانضمام والالتزام بالمعايير المحددة فقط بسبب اختلاف وجهة نظره بخصوص قضية معينة. فمسألة قبول أي عضو في نظم الأمن الإقليمية تتوقف على مدى استعداده للالتزام أكثر منه على تغير صفاته وخصائصه.
ومنها، إدراك طبيعة عملية بناء نظم الأمن الإقليمية من حيث كونها عملية مفتوحة النهاية، يكون خلالها النظام قادراً على التكيف والتطور، استجابة للاهتمامات والقضايا الجديدة، من خلال تطوير آليات ملائمة تسهم كذلك في تمكين الوحدات من العيش معا في انسجام نسبي. فالنظام الذي يهدف لتدمير رؤية معينة، أو كيان معين يكون أقرب إلى الحلف منه إلى نظام أمن إقليمي .
وفيما يتعلق باقترابات إقامة نظام الأمن الإقليمي، يمكن التمييز بين
أربعة اقترابات : يتمثل الأول، فيما يعرف باسم الأمن الشامل ، ويفترض هذا الاقتراب إدراك وحدات النظام الإقليمي، مدى الارتباط بين القضايا العسكرية والاقتصادية والاجتماعية لتحقيق الأمن والحفاظ عليه. فالقضايا
الاقتصادية والاجتماعية من قبيل النمو الديموغرافي داخل الوحدات مع
ندرة الموارد، وتنامي المشاعر ببعد النخبة عن التقاليد الثقافية
والعقائدية التي تمثل ركائز المجتمع الوطني، تطرح مخاطر قد تتطور إلى
حد تهديدها للأمن. ولذلك يتعين على نظام الأمن الإقليمي أولاً، أن يميز بين مهددات الأمن، أي القضايا ذات التهديد المحتمل للأمن الإقليمي، ومخاطر الأمن .وهي القضايا التي قد تتطور إلى مهددات إذا ما أهملت.
وثانياً، تطوير الآليات اللازمة لمعالجة المهددات بطريقة تعاونية. وللتعامل مع المخاطر بطريقة تحول دون تطورها لتصبح سبباً للصراع بين وحدات النظام. ولن يعد ذلك من قبيل التدخل في الشؤون الداخلية للوحدات، خاصة إذا ما تم تعريف تلك المخاطر على أنها قضايا سياسية واجتماعية تؤثر على الشئون الداخلية للوحدات.
ويتمثل الاقتراب الثاني في اقتراب الأمن التعاوني، الذي يؤكد التعاون غير الرسمي بين وحدات النظام الإقليمي لتطوير مجموعة من مبادىء ومعايير السلوك، والتي يتم التأكد من مدى الالتزام بها من خلال تنظيم الحوار والمناقشات .
وينصرف الاقتراب الثالث الذي يعرف باسم الأمن المنسق، إلى تنسيق الوحدات سياساتها الأمنية من أجل تحقيق أهداف متفق عليها.
في حين يفترض الاقتراب الرابع، إقامة ترتيب للأمن الجماعي، تحدد الوحدات في إطاره تهديداً معيناً، يتم توجيه مواردها الدفاعية للتعامل معه، فيغدو أي هجوم على أي من الوحدات بمثابة هجوم على جميع الوحدات.
ويتخذ قرار تبني أي من هذه الاقترابات، في ظل ما تمتاز به النظم الإقليمية من خصوصية سواء من حيث تاريخها، الثقافة السائدة بها، ما لديها من قدرات دفاعية، أوطبيعة احتياجاتها. فمثلا نزعت جنوب شرق آسيا إلى الأخذ باقتراب أقرب إلى التعاوني، يقوم على الحوار والنقاش، في حين نزعت أوروبا للاعتماد على المؤسسات القانونية والتنظيمية من أجل تقليل
شدة المنافسة.
وعليه فإن إن مفهوم أمن الخليج يعني نوعاً من الأمن الإقليمي لمجموعة الدول التي تشكل نظاماً فرعياً في إطار النظام الدولي حسب مؤشرات موضوعية - إلى حد بعيد- للنظام.
وبهذا المعنى يضم الخليج الدول الثماني المطلة على حوضه لإيران في شرق الخليج ثم الدول العربية السبعة:العراق والكويت والسعودية والبحرين وقطر والإمارات وسلطنة عمان وقد بذلت كثير من المحاولات لتأصيل مفهوم محدد ومشترك لأمن الخليج ضمن تأسيس فعاليات النظام الإقليمي للخليج إلا أنها باءت بالإخفاق نظراً للمسافة النسبية التي تفصل السعودية عن القوتين الإقليمتين العراق و إيران فجاء تأسيس مجلس التعاون الخليجي ليكرس مفهوم أمن الخليج كتعبير عن الأمن الجماعي أو القومي لدول الخليج العربية الست وبعد انتهاء الحرب العراقية الإيرانية عاد الاهتمام بأمن الخليج من خلال تطوير العلاقات الأمنية بين دوله الثماني في إطار تفعيل النظام الإقليمي الخليجي لكن حرب الخليج الثانية كانت ضربة قاصمة لهذه الجهود وتبلور مفهوم لأمن الخليج يركز في جوهره على أمن الدول الخليجية الست أعضاء مجلس التعاون الخليجي وهو ما اسماه "إعلان الدوحة" الصادر عن القمة الخليجية الحادية عشرة بـ"الأمن الإقليمي لدول مجلس التعاون" واستمر هذا المفهوم هو المفهوم السائد حتى بعد احتلال العراق والجدل بشأن الأمن في الخليج وتعاون القوى الإقليمية في ضمانه.
ومن ثم تعتمد هذه الورقة مفهوماً لأمن الخليج باعتباره امن دول مجلس التعاون الخليجي المتشابهة فى التكوين السياسي والاجتماعي كدول تقع على الخليج بالإضافة إلى حماية وتأمين الممرات المائية التي تعتبر الشريان الحيوي لها ()
أمن الخليج قبل الغزو الأمريكي للعراق
يمكن رصد ثلاثة مراحل تعرض خلالها إدراك دول الخليج لمفهوم أمن الخليج ومصادر تهديده والنظام الأمني الخليجي وسياساته للتغير وإن ظل جوهر هذا المفهوم يدور حول الحفاظ على أمن واستقرار دول الخليج الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي والحفاظ على ثرواتها ومقدراتها وتامين أنظمتها من أية تهديدات أو مخاطر داخلية أو خارجية.
أ- مرحلة ما قبل الغزو العراقي للكويت
ففي المرحلة الأولى التي تمتد منذ تأسيس مجلس التعاون الخليجي حتى الغزو العراقي للكويت كان التركيز على مصادر الداخلية لتهديد الأمن فيظهر استقراء وثائق مجلس التعاون في هذه الفترة اهتمامها بالأمن الداخلي في مواجهة المخاطرالتي تنبع من داخل الدول الأعضاء والذي يحظى بالأولوية الكبرى من أجل الحفاظ على النظم السياسية الحاكمة في هذه الدول وتظهر نصوص الاتفاقية الأمنية الموحدة التي وضعتها أجهزة المجلس تركيزها على أولوية الأمن الداخلي حيث استهدفت كما جاء بمقدمتها صيانة الأمن والاستقرار وحماية الشريعة الإسلامية والمثل العليامن الأفكار الملحدة الهدامة والأنشطة الحربية"وتضمنت المبادئ العامة في مشروع الاتفاقية النص على عدم احتضان الخارجين على القانون أو النظام من مواطني دول المجلس أو غيرهم زمحاربة نشاطهم الضار بأمن أي دولة من دول المجلس (م1)وعدم السماح بدخول أو تداول أو تصدير المنشورات أو المطبوعات أو المصنفات على اختلال أنواعها المعادية للعقيدة الإسلامية أو المخلة بالآداب العامة أو الموجهة ضد أنظمة الحكم في الدول الأعضاء (م 2) وقيام كل دولة من الدول الأعضاء باتخاذ الإجراءات الكفيلة بمنع مواطينها من التدخل في الشئون الداخلية للدول الأعضاء (م3) كما تنص المادة ( 16) على تبادل اسماء العناصر المشبوهة والتبليغ عن تحركاتها ومنعها من السفر وفي الوقت الذي نصت فيه الاتفاقية على عدم تسليم المتهمين في جرائم سياسية (م24) فإنها استثنت ما اسمت "بالتخريب والإرهاب"
ويرى البعض ان دول الخليج بسعيها لإنشاء مجلس التعاون الخليجي كانت تنطلق من استراتيجيتها التي تهدف في إيجاد منظومة رسمية للعلاقات فيما بينها تضمن تعزيز الارتباط الأمني بين هذه الدول وتنسيق سياساتها في مجال تبادل المعلومات الأمنية المتعلقة بالناشطين سياسياً ومنع إمكانية حصول أي من عناصر المعارضة السعودية على ملاذ في أي من هذه الدول إضافة للتنسيق الأمني في مجال احتواء الخطر الشيعي المحتمل في كل من البحرين والمنطقة الشرقية والكويت إضافة تبادل المعلومات حول الوافدين العرب والأجانب في المنطقة وهذا ما يظهر من استعراض البيانات الختامية لمجلس التعاون فمثلاً جاء في البيان الختامي للدورة السادسة للمجلس الأعلى للتعاون الخليجي أنه" يدين جميع أعمال الإرهاب ويؤكد وقوفه وتضامنه مع أي من الدول الأعضاء التي تتعرض لمثل هذه الأعمال ويعتبر ذلك تهديداً لكافة دول المجلس " وأقر المجلس أهداف الاستراتيجية الأمنية وأكد ضرورة إنجازها وأعرب المجلس عن ارتياحه لما وصل إليه التعاون والتنسيق في المجال الأمني من أجل تعزيز وضمات الاستقرار في دول المجلس وجاء في البيان الختامي للدورة الثامنة للمجلس الأعلى لدول مجلس التعاون "أقر المجلس الأعلى الاستراتيجية الأمنية الشاملة المرفوعة من وزراء الداخلية وأعرب عن رتياحه لما تحقق من تعاون في المجالات الأمنية وهو يؤكد على ضرورة خطوات أكثر تقدماً من اجل حماية المكتسبات التي حققتها دوله في مسيرة التعاون الأمني"
وقد أدى عدم التجانس فى توزيع القوة بين الدول الخليجية إلى بروز ثلاث قوى طامعة للقيادة والزعامة الإقليمية ، حرصت اثنتان منها هما العراق وإيران على القيام بدور المهيمن الإقليمي اما السعودية (القوة الثالثة ) فانها لا تتمتع بتوازن فى المكانة اذ انها برغم تمتعها بثروات مالية ضخمة مقارنة بالعراق وإيران فانها ليست اقوي تلك الدول عسكرياً أو حتى من منظور القوة الاقتصادية الشامة إضافة للمسافة النسبية الكبيرة بينها وبين العراق وايران ثقافياً وسياسياً ومذهبياً الأمر الذي جعلها تقوم بدور الموازنة على مستوي التنافس بين العراق وإيران ، فعملت سياستها على إضعاف نفوذ القوي الإقليمية المنافسة فى الخليج سواء بمعارضة نواياها التوسعية أو حصر دور تلك القوى فى مجالات محددة بعيدة عن العلاقات السعودية مع دول الخليج العربية التي نظرت إليها السعودية باعتباراها مجالها الخاص بحكم قدراتها الاقتصادية والعسكرية كأكبر دولة فى شبه الجزيرة العربية مما جعلها تضطلع بدور قيادي فيها ، فكانت السعودية تناور بين القوتين الإيرانية والعراقية لتعظيم حريتها فى الحركة والفعل لجعل الإمارات الخليجية العربية الخمس تنتهج خياراتها وسياستها .
وقد تمثلت أهداف دول مجلس التعاون الخليجي فى منطقة الخليج بصورة اساسية فى () :
تأييد الوضع القائم والسعي من أجل الحفاظ عليه واستمراره .
خلق توازن حذر فى المنطقة بحيث إذا سعت دولة لإيجاد قوة مهيمنة ومتفوقة فى المنطقة كانت السعودية تتخذ موقفاً مانعاً لها وتساند من يقف فى وجهها أيضاً .
السعي من أجل تهدئة الظواهر المتطرفة والقضاء عليها خصوصاً عبر اللجوء إلى قدرتها المالية
ب – مرحلة ما بعد أزمة الخليج
ومع نشوب أزمة الخليج بدأت مرحلة جديدة في إدراك دول الخليج للتهديدات الأمنية للخليج نظراً للطبيعة الخاصة لهذه الأزمة سواء من نطاقها الذي لم يقتصر على خلاف حدودي أو تآمراً على نظام الحكم بل اكتساح دولة كاملة واحتلالها أو من حيث الخسائر الناجمة عنها أو منهج حلها الذي أدى للاعتماد على الأداة العسكرية أو من حيث السياق العالمي والإقليمي الذي جرت فيه بحيث أتت في سياق رؤية سياسية عالمية للقوة العظمى للهيمنة في حين أظهر النظام العربي عجزه إزاءها فكان الإدراك الخليجي ككل أن اختلاف مصالح الدول العربية وفق الأوضاع السياسية الداخلية والتوجهات السياسية الخارجية لكل منها هو سبب هذا الاختلاف في اختلاف رؤية هذه الدول لمصادر التهديد أولوياتها الأمر الذي انعكس في انقسام النظام العربي تجاه الأزمة.
كان انهيار التوازن الاستراتيجي في النظام الإقليمي الخليجي التداعي الأكثر مركزية لحرب الخليج الثانية . وكان انتعاش الاستقطاب الإقليمي، وانتشاره أفقيا ضمن مستويات غير معهودة، التداعي الآخر لها . وتجلى التداعي الثالث للحرب في عودة الموازن الخارجي كخيار متداول على صعيد مقاربة أمن الخليج، وذلك للمرة الأولى منذ انسحاب بريطانيا من شرقي السويس . أما التداعي الرابع للحرب فقد تجلى في ارتفاع وتيرة الإنفاق العسكري، وهو الأمر الذي عكس تنامي الهواجس الأمنية وتضخمها. وضمن تداعيات الحرب أيضا ، جاء ميلاد «إعلان دمشق» وجاءت المشاركة الخليجية في مؤتمر مدريد للسلام.
لقد أتت حرب الخليج الثانية لتعيد تشكيل تفاعلات النظام الإقليمي الخليجي دون أن تغير من مضمونها السالب، بل عمقت من هذا المضمون في الاتجاهات كافة.
لقد بدا للوهلة الأولى أن الحرب ستقود باتجاه اقتراب خليجي إيراني ، وهذا ما حدث بالفعل . بيد أن هذا الاقتراب قد أتى فاقدا للأرضية السياسية المشتركة وبعيدا عن أي بوصلة استراتيجية.
إن انهيار التوازن الاستراتيجي في المنطقة قد عمق من هواجس الخليجيين تجاه قوة طهران العسكرية ، وهذه هي المعضلة الأكثر مركزية على صعيد مقاربة العلاقات الإيرانية الخليجية.
كذلك ، فإن التوترات الأميركية الإيرانية المستمرة والمتصاعدة ، والنزاع الإماراتي الإيراني المديد، وأحداث البحرين في التسعينات، بدت عوامل طرد لفرص الاقتراب الخليجي الإيراني.
إن كل ما حدث منذ حرب الخليج الثانية لا يخرج عن نطاق توسيع التبادل التجاري القائم أصلا ، وتطوير التعاون المدني بصفة عامة، كما نشطت حركة الوفود بين ضفتي الخليج وهذه تحسب للعلاقات الإيرانية الخليجية على الرغم من كل شيء.
من جهة أخرى ، بدت العلاقة بين طهران وبغداد وكأنها تسير باتجاه تحول تاريخي، فقد سارع العراق لإعادة العمل باتفاقية الجزائر، وطار سعدون حمادي إلى طهران عارضا على الإيرانيين مصالحة شاملة وخطوات تعزيز ثقة متعددة. بيد أن طهران كانت حساباتها، أو لنقل هواجسها، أكبر من أن تستوعبها العروض العراقية.. وهنا شعرت بغداد بخيبة أمل لم تكن تتوقعها.
لم تكن قضية المعارضين المتواجدين في البلدين ولا مخلفات حرب السنوات الثماني أو مقدماتها هي فقط ما أعاق الاقتراب العراقي الإيراني بل كذلك طبيعة حسابات طهران التي كانت تعتقد أن ثمة دورا إقليميا ينتظرها في خليج ما بعد الحرب. وهي وإن انتقدت صراحة «إعلان دمشق» فإنها لم تكن لتضحي بتحالفها مع السوريين من أجل بغداد.
ولم تمض سوى برهة من الوقت على محاولات بغداد التصالحية حتى عادت العلاقات لتتجه نحو توتر ظاهر ، بل وتبلغ ذروة التأزم مع اتهام النظام العراقي للإيرانيين بدعم وتمويل الانتفاضة التي تحركت في الجنوب والشمال، وكادت تنهي حكم الرئيس صدام حسين بعيد انسحابه من الكويت .
وفي العام 1993 أتت سياسة الاحتواء المزدوج لتطرح على المستوى التحليلي الافتراضي إمكانية التقاء طهران وبغداد في مواجهة واشنطن . بيد أن المعوقات السياسية والهيكلية ظلت تحول دون ذلك ، بل وتفرض تقاطبا إيرانيا - عراقيا ظل يعكس نفسه على تفاعلات النظام الإقليمي الخليجي.
وفي الجنوب ، قادت حرب الخليج الثانية إلى اهتزاز علاقات الخليجيين ليس مع شمال اليمن أو جنوبه بل هذه المرة مع اليمن الذي كان لتوه قد عاد موحدا . وهنا حاولت صنعاء أن تستنفد ورقتي طهران وبغداد معا للضغط على الداخل الخليجي . فقد طار عبدالكريم الأرياني إلى طهران ، التي أدركت كما يبدو طبيعة المعادلة المستجدة وسارعت للتوقيع على اتفاقية صداقة مع صنعاء . وكان في الالتقاء اليمني الإيراني تطورا لا يخلو من مغزى في حسابات النفوذ الإقليمي. ولكن دون أن يعني ذلك أن أياً من الطرفين قد نجح بالضرورة في تحقيق ما أراد .
ومن ثم تغيرت رؤية التهديدات الأمنية باتجاه أولوية الخطر والتهديدات الخارجية ومحورية الأداة العسكرية على غيرها في تحقيق الأمن واعتبار التوجد العسكري الأجنبي هو أهم ضمانات موجهة على أن عناصر هذه الرؤية الأمنية كانت تحمل عوامل تغيرها فمن ناحية ارتبط الوجود العسكري الأمريكي في الخليج بمساعي أمريكية إعادة صياغة منطقة الشرق الأوسط بما في ذلك تسوية الصراع العربي الإسرائيلي بما كانت له تداعياته على طبيعة الاستقرار الذي يرتكز عليه النظام السعودي وعلى تغير طبيعة التهديد الذي تفضه القوى الإقليمية العراق وإيران كما أن مسار التطورات العالمية أظهر أن الولايات المتحدة لا تمتلك قدرات مطلقة تبرر لها الانفراد بالخليج فقد أثبتت روسيا والصين والاتحاد الأوربي قدرة على الصمود إزاء الضغوط الأمريكية لانتهاج سياسات تتسق مع رؤيتها الاستراتيجية كما ظهر في حالتي إيران والعراق.
أمن الخليج بعد الغزو الأمريكي للعراق :
إن الاستراتيجية العالمية للهيمنة التي تبنتها الولايات المتحدة تحت مسمى الحرب على الإرهاب أدت بالسعودية لمراجعة تصوراتها الأمنية نظراً للرؤية الأمريكية لدور السعودية تشكيل المناخ الذي أدى لأحداث 11 سبتمبر ولدورها كحليف في الحرب على الإرهاب وأيضاً من منظور لإمكانية تراجع الأهمية الاستراتيجية لمنطقة الخليج بالنسبة للولايات المتحدة التي تمثل الضمان النهائي لأمن الخليج مع اعتبار نتائج الاحتلال الأمريكي للعراق.
نتيجة لكل هذه العوامل اتجهت الرؤية السعودية لإعادة تقييم مصادر التهديد الداخلي لأمن الخليج وإعادة تقييم التهديدات الإقليمية (إيران والعراق) على النحو التالي:
أدى ضرب العراق في ظل الأجواء السائدة بعد 11سبتمبر إلى تغيير التوازن الاستراتيجى القائم في المنطقة منذ وقت طويل, إذ تحول العراق في هذه الحالة إلى دولة يحكمها نظام تابع للولايات المتحدة, ومن ثم سيؤدى ذلك إلى تخفيض الأهمية الاستراتيجية للمملكة في علاقتها مع واشنطن والمستمدة أساسا من كون السعودية المصدر الأكبر للنفط للولايات المتحدة, كما أن ذلك سوف ينعكس من ناحية أخرى على الصراع العربى- الإسرائيلى بصورة سلبية, إذ أن موازين القوة سوف تختل بقوة لصالح إسرائيل.
والأكثر أهمية مما سبق, أن الأسرة المالكة السعودية كانت ترى أن ضرب العراق سوف يتسبب في نتيجة بالغة الخطورة بالنسبة لها, تتمثل في فقدانها الضامن الرئيسى لأمنها, إذ أن دخول العراق كبديل محتمل للمملكة العربية السعودية , وكقوة مرجحة في تحديد أسعار النفط على الساحة الدولية, سوف يجعل من الولايات المتحدة في وضع أفضل لفرض رؤاها وسياستها على المملكة وغيرها من دول الخليج خاصة بعد الأوضاع الجديدة المترتبة على هجمات 11سبتمبر, والتى أصبحت ترى في محاربة الإرهاب الأولوية الأولى للولايات المتحدة, والتى يتم من خلالها تصنيف دول الخليج باعتبارها دولاً ومجتمعات في حاجة إلى "إعادة الهيكلة " أو "إعادة البناء".
وقد ظلت فكرة "إعادة الهيكلة" بمثابة الفكرة الرئيسية الكامنة وراء الكثير من المقولات التى راجت في وسائل الإعلام الأمريكية على نطاق واسع, والتى عكست وجود بعض الأفكار لدى بعض مخططى السياسة الخارجية الأمريكية حول تقسيم بعض الدول كالسعودية, أو إعادة رسم خرائط الجغرافيا السياسية للمنطقة, لكى تعزل أو تحاصر الآثار السلبية للمد الإسلامي السياسي, حيث تروج هذه المقولات لفصل المنطقة الشرقية المطلة على الخليج في كيان مستقل يخضع للإدارة الأمريكية بصورة مباشرة, مع فصل منطقة الحجاز في دويلة ثالثة. ()
هذا السيناريو يحقق للولايات المتحدة هدفين رئيسيين في وقت واحد, الأول هو السيطرة على النسبة الأكبر من احتياطى النفط في العالم, حيث تمتلك المملكة العربية السعودية 25% من الاحتياطى العالمى المؤكد من النفط, ويتركز في المنطقة الشرقية, في حين يمتلك العراق11% من هذا الاحتياطى العالمى. والهدف الثانى هو حصر المذهب الوهابى المتشدد, المنتج للعنف من وجهة النظر الأمريكية, في دويلة مغلقة, مع فصله عن موارده المالية التى سهلت له من قبل الانتشار الإقليمى والعالمى من خلال الإيرادات النفطية الهائلة, وفصله أيضا عن الأماكن الإسلامية المقدسة في مكة والمدينة, الأمر الذى يفقده التأثير المعنوى على العالم الإسلامى.
وعلى هذا أعلنت السعودية أكبر الدول الخليجية أنها ستلتزم بالتعاون في الحرب ضد العراق في حالة صدور قرار من مجلس الأمن طبقا للفصل السابق من ميثاق الأمم المتحدة, ولكن هذا التعاون لن يمتد إلى استخدام القواعد أو المنشآت السعودية للمشاركة في الهجوم, وأن هذا الأمر سيتوقف على ما تقرره المملكة حينها, وطبقا لما تراه محققا لمصالحها الوطنية, كما أن القوات الأمريكية والبريطانية الموجودة في المملكة هى فقط من أجل فرض الرقابة على منطقة الحظر الجوى في جنوب العراق, ومن ثم لن يسمح لها بالمشاركة في أى ضربة محتملة على العراق,
وتنطلق الرؤى الجديدة لإعادة ترتيب المنظومة الأمنية في الخليج من المعطيات الأمنية الجديدة لتي أوجدتها حرب الخليج الثالثة، سواء لجهة تحول الولايات المتحدة إلى جار إقليمي، واتجاه الولايات المتحدة إلى إعادة صياغة علاقاتها مع القوى الإقليمية في المنطقة بناء على نتائج
الحرب، وميل ميزان القوى في النظام الإقليمي الخليجي لصالح إيران مقارنة بدول مجلس التعاون الخليجي والعراق، إضافة إلى حالة الغياب العربي الواضحة عن ترتيبات الأمن في الخليج.
فقد أنهت الإطاحة بالنظام العراقى السابق هاجسا أمنياً ظل يؤرق دول مجلس التعاون الخليجى بوجه عام والكويت بوجه خاص على مدى أكثر من أثنى عشر
عاماً، ومع ذلك يصعب القول أنها أدت إلى استقرار منطقة الخليج، إذ لا تزال عوامل التوتر قائمة، وإن كان هناك إحساس منخفض بالخطر أقل مما كان عليه الحال إبان النظام البعثى السابق فى العراق، وتعود حالة عدم الاستقرار فى منطقة الخليج بوجه عام إلى العوامل التالية:
1ـ استمرار المقاومة العراقية واتخاذها أشكالاً عديدة، وازدياد حدتها
بعد القبض على الرئيس العراقى السابق صدام حسين.
2ـ عدم وجود رؤية عراقية موحدة من جانب القوى السياسية لمستقبل العراق السياسى سواء على صعيد الاتفاق على موعد لإجراء الانتخابات، أو مستقبل العلاقة مع الولايات المتحدة والدول الخليجية عموماً.
3ـ استمرار التوتر بين الولايات المتحدة وإيران بشأن عدد من الملفات، لعل أبرزها قضية البرنامج النووى الإيرانى.وفى ضوء تلك العوامل يمكن تفسير طبيعة رد الفعل الخليجى إزاء تداعيات الحرب على العراق. فعلى الرغم من العلاقات الاستراتيجية بين الولايات المتحدة الأمريكية ودول مجلس التعاون الخليجى الست، والتى تجلت آثارها فى حرب العراق، حيث شاركت كل الدول فى الحرب سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، وذلك وفقاً لما أكده الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثانى وزير الخارجية القطرى بالقول إن دول مجلس التعاون الخليجى دون استثناء خرجت منها جيوش أثناء الحرب الأخيرة على العراق وإن الجميع وقف فى هذه الحرب
إلى جانب القوات الأمريكية، سواء أعلن ذلك أم لم يعلنه (الأهــرام العربـــــي13/12/2003)، على الرغم من ذلك، فإن حقيقة سقوط العراق تحت الاحتلال الأمريكى أثار تساؤلات عديدة حول إمكانية تراجع الأهمية لاستراتيجية لدول مجلس التعاون الخليجى الست، وذلك فى ضوء الاعتبارات التالية:
أ ـ ما شهده العراق فى أعقاب دخول القوات الأمريكية بغداد وحتى نهاية العام 2003 من أعمال مقاومة ضد تلك القوات، وعدم استقرار الأوضاع العراقية دفع الإدارة الأمريكية إلى التأكيد بأنه لا موعد محدداً لانسحاب القوات الأمريكية، وبالتالى فإن سيطرة الولايات المتحدة على الثروة النفطية العراقية القادرة مستقبلاً على ضخ ستة ملايين برميل يومياً قد يعنى تراجع الأهمية النفطية لدول المجلس الست لدى الولايات المتحدة. كما قد يؤدى إلى التأثير السلبى على الدور الذى تضطلع به منظمة الأوبك.
ب ـ يدعم ما سبق الموقع الاستراتيجى الذى يحتله العراق حيث يطل على
الكويت والسعودية من جهة الجنوب، وسوريا والأردن من جهة الغرب، وإيران
من جهة الشرق، وتركيا من الشمال. وهذا ما يميزه عن دول مجلس التعاون
الست، إذ سوف يتيح الوجود العسكرى الأمريكى فى العراق لواشنطن التمتع بعدد من المزايا الاستراتيجية المهمة حيث يشكل امتداداً طبيعياً للوجود العسكرى الأمريكى فى أفغانستان، الأمر الذى يتيح لواشنطن تطويق إيران بشبكة جديدة من النفوذ الأمريكي، كما أنه سيترك صدى ملموساً عبر الحدود فى سوريا.
ج ـ أن لجوء الولايات المتحدة إلى سحب قواتها من السعودية التى تعد أكبر أطراف المنظومة الخليجية، يرجح إمكانية أن يكون العراق محور منظومة العلاقات الأمريكية فى تلك المنطقة، تنضم إليها لاحقاً دول الخليج الأخرى، سواء فيما يسمى إعادة إحياء حلف بغداد مجددًا، أو غيره
من الصيغ والأشكال الأخرى. وقد عبرت عن تلك الرؤية بوضوح إحدى الدراسات التى أوردتها مجلة الشرق الأوسط للدراسات الدولية الصادرة فى الولايات المتحدة (العدد السابع، شهر يونيو2003) بالقولهل سيدافع رئيس أمريكى عن وحدة أراضى الكويت فى حال نشب خلاف مع العراق، إذا كانت حكومة العراق ديمقراطية وموالية للولايات المتحدة فى الوقت ذاته. فضلاً عما يثار بشأن إمكانية انضمام إسرائيل لتلك الصيغ الجديدة، وهو ما يثير الحديث بشأن التطبيع بين الدول الخليجية وإسرائيل فى الوقت الذى لا تزال فيه الأخيرة تتنصل من القرارات الدولية بشأن التسوية السلمية.
ثانيا ـ عناصر الرؤية الخليجية للعراق الجديد
وانطلاقاً من الاعتبارات المشار اليها، تمثلت الرؤية الخليجية للعراق الجديد فيما يلي:
1ـ الاعتراف بمجلس الحكم الانتقالى منذ تشكيله: حيث كانت دول مجلس التعاون الخليجى الست فى مقدمة الدول العربية التى اعترفت بمجلس الحكم الانتقالي. كما رحبت بالقرار 1500 الصادر عن الأمم المتحدة الذى تضمن اعترافا وترحيبا بتشكيل المجلس، واستقبلت أعضاءه معلنة أن المجلس هو السلطة السياسية والممثل الشرعى للقوى السياسية العراقية، وذلك
انطلاقاً من قناعة خليجية مفادها أن العراق أمام أحد احتمالين؛ إما التحول نحو الاستقرار، بالتالى إقامة علاقات جديدة مع دول الخليج، وإما الانهيار والتحول نحو الحرب الأهلية والتناحر القومى والمذهبى، بل قد يكون مصدراً جديداً لتصدير الإرهاب. وهو الأمر الذى سوف يكون له
تداعيات سلبية على الدول الخليجية الست. وبالتالى فقد تجاوزت الدول الخليجية معضلة الاعتراف القانونى من عدمه، وأخذت بمنطق الواقعية السياسية والمصالح الاستراتيجية بعيدة المدى.
2 - مخاوف من تطبيق الفيدرالية : والواقع أن لمخاوف الدول الخليجية الست ما يبررها بشأن طبيعة عراق ما بعد صدام، وذلك بالنظر إلى ما يتردد بشأن إمكانية تطبيق الفيدرالية فى العراق، والتى يمكن أن تؤدى إلى تقسيم العراق. وبخاصة أن كل طائفة تتمسك بطموحاتها وغير مستعدة للتنازل عن بعضها، وبالتالى فإن الدويلات التى قد تنشأ على أنقاض الدولة العراقية والمفترض مبدئيًا فى دولة كردية فى الشمال، وثانية سنية فى الوسط، وثالثة شيعية فى الجنوب سوف تكون ضعيفة للغاية، وقد تتجه إحدى هذه الدويلات إلى الاستعانة بطرف خارجى، الأمر الذى من شأنه أن يفرز حربًا أهلية طاحنة تثير الفوضى على مجمل النظام الإقليمى فى الخليج.
وتبدو المخاوف الحقيقية لدول المجلس من إمكانية قيام دولة شيعية فى الجنوب العراقي. وهو ما يعنى تمدد النفوذ الإيرانى فى منطقة الخليج عمومًا، خاصة فى ظل وجود بعض الأقليات الشيعية فى الدول الخليجية، والتى قد تجد نفسها منجذبة إلى الدولة الشيعية الجديدة فى جنوب العراق،
والتى ستضم مقدسات شيعية مهمة، الأمر الذى سوف يؤثر على حالة الاستقرار الداخلى فى الدول الخليجية العربية.
3- الحرص على استقرار ووحدة العراق : وهو ما بدا فى استضافة بعض المؤتمرات حول العراق، والتى عكست حرص الدول الخليجية الست على دعم استقرار العراق. وفى هذا الصدد استضافت المملكة العربية السعودية فى الثامن عشر من أبريل 2003 مؤتمراً طارئاً للدول المجاورة للعراق
بمشاركة وزراء خارجية كل من سوريا والبحرين والكويت والأردن وتركيا وإيران. وقد أكد البيان الختامى للمؤتمر على ضرورة احترام سيادة العراق وسلامة أراضيه وانسحاب القوات الأجنبية وإنهاء الاحتلال وتمكين الشعب العراقى من اختيار حكومته بكل حرية وإعادة بناء ما دمرته الحرب، وإعادة البنية الأساسية والسياسية واضطلاع الأمم المتحدة بدورها.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن المملكة العربية السعودية قد أعلنت صراحة خلال المؤتمر رفضها للوجود الأمريكى فى العراق حيث طالب سعود الفيصل وزير الخارجية السعودى سلطات الاحتلال الأمريكى ـ الإنجليزى بالالتزام باتفاقيات جنيف للحفاظ على الأمن والاستقرار، والحفاظ على التراث العراقى واستعادة ما نهب منه، وطالب بضرورة الإسراع فى إنشاء حكومة
انتقالية عراقية، وصولاً إلى إقامة الحكومة الدستورية التى تمثل مختلف فئات الشعب العراقي. فضلاً عن المساعدات العديدة التى قدمتها دول المجلس الست للعراق، والتى شملت أيضا موافقة أربع دول خليجية على خفض الدين العراقي، وذلك فى أعقاب الجولة التى قام بها فى الخليج الموفد الأمريكى جيمس بيكر لهذا الغرض مطلع العام 2004.
وقد عبر البيان الختامى للقمة الرابعة والعشرين لمجلس التعاون المنعقدة بدولة الكويت فى ديسمبر 2003 عن الموقف الخليجى الموحد تجاه عراق ما بعد صدام، بالقول يعلن المجلس تضامنه التام مع الشعب العراقى، ورفض كل ما من شأنه تجزئة العراق، مؤكدًا ضرورة الحفاظ على سيادة واستقلاله ووحدة أراضيه والالتزام بمبدأ عدم التدخل فى شئونه الداخلية. وأكد
البيان على ضرورة أن يكون للأمم المتحدة دور حيوى فى العراق، تمهيدًا لتمكين الشعب العراقى فى تقرير مستقبله السياسى فى أسرع وقت ممكن.
ثالثا ـ انضمام العراق لمجلس التعاون الخليجى
على الرغم من إدراك دول مجلس التعاون الخليجى الست بأن العراق يمثل ثقلاً سياسياً واقتصادياً كبيراً فى العالم العربى عموماً ومنطقة الخليج بوجه خاص، وأخذاً فى الاعتبار أن العراق قبل غزوه لدولة الكويت عام 1990، كان عضواً كاملاً فى العديد من المؤسسات الخليجية المشتركة،
كمجلس وزراء التعليم والصحة، ومنظمة الخليج للاستشارات الصناعية، وبنك الخليج الدولى، والاتحادات الرياضية فى الخليج وغيرها، إلا أن عودة العراق للمنظومة الخليجية المؤسسية تكتنفها عدة معوقات.
فمع التسليم بترحيب دول مجلس التعاون الخليجى الست سواء فرادى أو جماعات بإمكان انضمام العراق لبعض هيئات المجلس على غرار اليمن، حيث أكد على هذا صراحة الأمين العام لمجلس التعاون الخليجى بالقول أنه يحق للعراق الانضمام لبعض مكاتب المجلس كما هى الحال بالنسبة لليمن، التى هى الآن عضو فى بعض مكاتبه، إلا أن الدول الخليجية لا تزال تأخذ موقفاً
متردداً بشأن إمكانية استئناف العلاقات الدبلوماسية مع العراق أو إمكانية انضمامه كعضو كامل فى المجلس، وذلك انطلاقاً من حاجة العراق إلى فترة زمنية يحتاج خلالها إلى إعادة تأهيل فى النواحى السياسية والاقتصادية والثقافية.
فعلى الصعيد السياسي، ترى الدول الخليجية العربية أن العراقيين غير قادرين فى الوقت الحالى على إقامة نظام حكم ديمقراطى فى ظل اختلاف زعماء الجماعات السياسية العراقية على شكل نظام الحكم الذى يرتضونه.
ويدعم من هذا أن العراق مجتمع متعدد الطوائف ومتشعب الفئات، ويزداد الوضع صعوبة فى ظل وجود تدخلات خارجية تؤثر على الترتيبات الجارية لبناء مؤسسات الدولة العراقية الجديدة. فضلاً عن وجود حالة من ضعف الوعى الاجتماعى فى العراق، والمرتبط بإرث ثقافى ثقيل يفتقر لوجود تجارب أو تقاليد للمشاركة السياسية.
وبالتالى فإن الدولة التى شهدت عقوداً طويلة من الاستبداد وعدم احترام الرأى الآخر فى ظل نظام الحزب الواحد وثقافة التخويف، ليس سهلاً عليها الانتقال بشكل فجائى إلى حياة ديمقراطية تقوم على مبادئ الليبرالية ودولة المؤسسات، وهو الأمر الذى يلقى بتداعيات سلبية على دول المجلس من زاويتين، الأولى، إدراك دول المجلس استحالة التعامل مع العراق الحالى
سياسياً، وذلك نتيجة لاختلاف طبيعة درجة التطور السياسى لدى الجانبين، وخاصة أن تلك الدول قد قطعت خطوات إصلاحية ملموسة على الصعيدين السياسى والاقتصادى خلال عقد التسعينيات عموماً، وتسارعت وتيرتها فى أعقاب الإطاحة بنظام الرئيس السابق صدام حسين. والثانية، أزمة عدم الثقة التى سببها الغزو العراقى لإحدى دول المجلس عام1990(الكويت). فعلى الرغم من
أن انتهاء النظام البعثى فى العراق قد أنهى هاجساً أمنياً ظل يؤرق دولة الكويت طيلة أكثر من عقد، إلا أن إعادة رأب الصدع بين الجانبين الكويتى والعراقى ربما يحتاج لسنوات عديدة، وذلك على الرغم من تأكيد رئيس مجلس الحكم الانتقالى إبراهيم الجعفرى خلال شهر أغسطس 2003 على سيادة دولة الكويت بالقول الكويت دولة فى جنوب العراق والعراق دولة فى شمال الكويت، بما يستدعى التعامل مع هذه الحقيقة بكل احترام.
إلا أن طبيعة العراق نفسه من الناحية الجغرافية، ولجوء بعض الشخصيات العراقية إلى طرح أفكار مثيرة للكويت، من قبيل استئجار جزيرتى وربة وبوبيـان الكويتييـن، كمـا صرح د. مضر شوكت نائب رئيس المؤتمر الوطنى العراقى، معللا ذلك بحاجة العراق إليهما لاستخدامهما كموانئ بحرية من اجل نهضته الاقتصادية يعيد إلى الأذهان مشكلة العراق الجيوبوليتكية،
فالعراق لا يتمتع بسواحل ممتدة على بحار مهمة، حيث يعد مثلثاً قاعدته فى المنطقة الكردية الشمالية، أما رأسه المقلوب وأضيق نقاطه، فتقع على الخليج الذى يمثل أهم المنافذ وأكثرها حيوية بالنسبة له، ومن ثم يكاد يكون العراق دولة برية مغلقة أو حبيسة حيث لا يتمتع إلا بإطلاله محدودة للغاية على الخليج، وهو الأمر الذى قد يثير نزاعاً مستقبلياً مع الكويت، فى الوقت الذى تسيطر فيه على بعض العراقيين فكرة أن الكويت بمنافذها البحرية قد استقطعت فى فترات تاريخية سابقة من الإقليم العراقي. وهو ما ينظر إليه الكويتيون بكثير من الحذر والتحسب معا.
ويدعم مما سبق أن الغزو العراقى لدولة الكويت عام 1990، وتداعياته لا يزال له تأثير واضح على الرأى العام الكويتى. ففى استبيان لصحيفة الأنباء الكويتية فى 29/9/2003 ، أى بعد ما يزيد عن ستة أشهر من القضاء على نظام صدام حسين، ربط 84.5% من عينة الاستجواب عودة العلاقات كاملة
مع العراق بتنفيذ المطالب الكويتية، وعلى رأسها دفع التعويضات كاملة.
وعلى الصعيد الاقتصادى، ومع التسليم بأن العراق يمثل عمقاً استراتيجياً مهماً للدول الخليجية الست، كما أن السوق العراقية يمكنها أن تكون جزءاً مهما ونشطا من السوق الخليجية الموحدة، بل أن العراق ـ فى حال انضمامه إلى الاتفاقية الاقتصادية الموحدة ـ فإنه بإمكاناته الكبيرة
وتنوع موارده سيفتح المجال جدياً أمام تحقيق التكامل الاقتصادى المنشود، على اكثر من مستوى بما فى ذلك المستوى النفطى، ومع التسليم بما سبق نظريا، فإن التوجهات الرسمية ترى أن انضمام العراق للمجلس فى الوقت الراهن يمثل عبئاً اقتصادياً على دول المجلس انطلاقاً مما يلى:
* فى الوقت الذى يعانى فيه الاقتصاد العراقى من إنهاك شديد نتيجة الحروب التى دخلها العراق فىالعقدين الماضيين، فإن الدول الخليجية الست قد نجحت فى تحقيق تنمية اقتصادية انعكست على مستوى معيشة المواطن، حيث تشير تقارير رسمية خليجية صادرة عام 2001 إلى أن متوسط دخل الفرد فى الإمارات قد بلغ 18662 دولار، وفى عمان 133650 دولار، وفى قطر 18689 ، وفى الكويت 17289. ووفقاً لتقرير التنمية البشرية لعام 2001 ، لا يوجد سكان فى دول المجلس يعيشون تحت خط الفقر.
* بلغت قيمة الخسائر العراقية جراء حرب الخليج الثانية (بداية من الغزو والحصار ثم الحرب) 230 مليار دولار، كما بلغت قيمة الخسائر منذ فرض العقوبات وحتى نهاية 2002 حوالى 150 مليار دولار، وإذا تم احتساب الخسائر التى أصابت العراق خلال الحرب العراقية الإيرانية ثم حرب تحرير الكويت، فسوف تصل التقديرات إلى 684 مليار دولار. وهذا الرقم يمثل الناتج الوطنى الإجمالى لحوالى 29 عاماً. وذلك طبقاً لمتوسط معدل الناتج الوطنى الإجمالى للأعوام 1950- 1993 والبالغ 32,5 مليار دولار بالأسعار الثابتة.* وفقاً لأرقام البنك الدولى فإن الديون الرسمية والتجارية للعراق هى فى حدود 127,7 مليار دولار، وهناك أيضاً 200 مليار دولار، فضلاً عن تعويضات مستحقة عليه فرضت بعد غزو الكويت، بالإضافة إلى التعويضات التى تطالب بها إيران، ولا شك أن هذه الأرقام تشكل عبئاً كبيراً حتى بالنسبة
لدولة قد يصل دخلها السنوى من النفط إلى نحو 15 -20 مليار دولار.
* وفقاً لتقرير صادر عن منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) وبرنامج الأغذية العالمى فى 23/9/2003، فإن نصف شعب العراق أصبح فى مصاف الفقراء، كما أن 60% من هذا الشعب يعانى من البطالة.
* وعلى الصعيد الاجتماعى والثقافي، وعلى الرغم من وجود أواصر شعبية عديدة بين دول المجلس الست والعراق، إلا أنه لا تزال هناك عوائق كبيرة بشأن إحداث تكامل حقيقى بين الجانبين، فدول المجلس الست تتميز بالتقارب الشديد فى البنية الاجتماعية، خاصة فيما يتعلق بالثقافة الخليجية الواحدة والعادات والتقاليد. أما المجتمع العراقى فيحتوى على تركيبة
سكانية متعددة تشمل قوميات وطوائف دينية وعرقية عديدة؛ فيما يفتقد المجتمع العراقى بشكل عام قيمة التسامح، ويحتاج بعض الوقت حتى تنتهى الثأرات الشخصية والجماعية.
وثمة عدد من الملاحظات الكلية يمكن إبداؤها بشأن رؤية الدول الخليجية الست لعراق ما بعد صدام على النحول التالى:
1- على الرغم من وجود توجه خليجى عام بشأن طبيعة العلاقات مع العراق الجديد، والتى تتمثل فى أهمية احترام سيادة واستقلال الدول الخليجية كافة، إلا أن أهمية تلك القضية تتباين من دولة لأخرى فتأخذ شكلاً أكثر حدة فى الكويت ، حيث لا تزال هناك شكوك كويتية بشأن نوايا العراق
الجديد فى ظل تصريحات بعض أعضاء مجلس الحكم الانتقالي.
2- مع التسليم بوجود موقف خليجى موحد بشأن العراق، إلا أنه يظل على
ستوى التصريحات دون أن يتخذ إجراءات عملية ملموسة سوى بعض المساعدات التى تقدمها تلك الدول. وذلك رغبة فى استقرار العراق كخطوة أولى يتبعها إقامة علاقات دبلوماسية.
3 ـ هناك تطابق فى الرؤيتين الخليجية والأمريكية بشأن المسألة العراقية، ويفسر هذا موافقة أربع دول خليجية على شطب ديونها المستحقة لدى العراق، وذلك بعد الجولة التى قام بها الموفد الأمريكى لهذا الغرض.